1 - الإجماع القيمة التشريعية للإجماع:
لعل من أوجه ما ذكروا لحجية الإجماع من دليل هو قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
لا تجتمع أمتي على خطأ ولا تجتمع أمتي على ضلالة.
وبغض النظر عن المناقشة في سند هاتين الروايتين، فإن دلالتهما على حجية الإجماع واضحة، وتسلم من كثير من المناقشات التي ترد على الأدلة الأخرى، التي يذكرونها سندا لحجية الإجماع، إلا أن الحجية لا تثبت للإجماع في هاتين الروايتين، وما بمضمونها من روايات أخرى، إلا عندما يكون الإجماع اتفاقا من قبل الأمة جميعا، فإن صريح الروايتين هو إعطاء صفة العصمة للأمة، وتأويل الأمة بالفقهاء وأهل العلم والرأي منها توجيه وتكلف في تفسير الرواية.
وليس أقل من أن نشك في حجية إجماع آخر، غير إجماع الأمة، والشك في الحجية مساوق لعدمها. فإن قوام حجية الدليل هو الجزم واليقين بدلالته، ولا يكون دليلا وحجة في غير هذا الحال، فمتى طرأ الشك في حجيته ودلالته تنتقض حجيته، ولم يعد بعد حجة ودليلا، فتختص حجية الإجماع إذن بما إذا اتفقت الأمة جميعا على رأي خاص أو وجهة خاصة من الرأي، فيعصمها الله تعالى عند ذلك عن الخطأ. وهذا هو معنى عصمة الأمة.
ومن المستحيل أن يكون الإجماع بهذا المعنى سندا لشرعية الخلافة والإمامة في حال من الأحوال، فإن مسألة الإمامة والخلافة من المسائل التي تثير عادة كثيرا من الاختلاف، فترضي قوما وتسخط آخرين، ولا يمكن أن يكون الإجماع سندا