مدخل إلى دراسة نص الغدير - الشيخ محمد مهدي الآصفي - الصفحة ٦١
يخلق الرضي بمائتي سنة، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي (1).
والنتيجة التي نستخلصها من ضم هاتين النقطتين أن هذا الكتاب كتبه الإمام عليه السلام إلى معاوية على سبيل الجدل والإفحام له بما يعلن لأهل الشام أنه يلتزم به ويتبناه، ولا يمثل هذا الكلام رأي الإمام في شرعية مبدأ (الاختيار)، لما عرفنا بالضرورة من رأي الإمام في مسألة الاختيار، وفي خلافة الخلفاء الثلاثة من قبله، فيما رواه الشريف من كلامه في نهج البلاغة، وفيما رواه المؤرخون من موقفه من خلافة الخليفة الأول بالاتفاق، ومن دون خلاف.
فهذا الكلام إذن لا يكون حجة في شرعية مبدأ (الاختيار) على كل حال.
حكم العقل بالتفويض:
نعم، لا نعترض على حكم العقل بحسن التفويض من جانب الله تعالى إن لم نظفر بنص شرعي صريح في تفويض الأكثرية لأمر اختيار الإمام، فإن العقل يحكم بالضرورة في هذه الحالة بحسن التفويض من جانب الله تعالى للأكثرية في اختيار الإمام، وهذا هو حكم (العقل العملي) كما يقول علماء الأصول، ويحكم (العقل النظري) بالملازمة بين حكم العقل العملي وحكم الشارع وهو سيد العقلاء، وواهب العقل للعقلاء.
وبضم هذين الحكمين إلى بعض يكتشف العقل حكم التفويض من الشارع للأكثرية في أمر انتخاب الإمام.

(1) شرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 205 خطبة 3.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»