بني عبس، فخرجنا حتى قدمنا إلى الكوفة، واجتمع الناس في المسجد، لا يشكون أنها بيعة أهل الشام، فلما فتح علي عليه السلام الكتاب لم يجد شيئا، وقال العبسي فقال: إني أحلف بالله لقد تركت تحت قميص عثمان أكثر من خمسين ألف شيخ خاضبي لحاهم بدموع أعينهم متعاقدين متحالفين ليقتلن قتلته في البر والبحر، ثم دفع إلى علي عليه السلام كتابا من معاوية ففتحه فوجد فيه:
أتاني أمر فيه للنفس غمة * * * وفيه اجتداع للأنوف أصيل مصاب أمير المؤمنين وهدة * * * تكاد لها صم الجبال تزول (1) كلمة ابن أبي الحديد:
يقول عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح هذا الكتاب: واعلم أن هذا دال بصريحه على كون الاختيار طريقا إلى الإمامة، كما يذكره أصحابنا المتكلمون، لأنه احتج على معاوية ببيعة أهل الحل والعقد له، ولم يراع في ذلك إجماع المسلمين، لأن سعد بن عبادة لم يبايع، ولا أحد من أهل بيته وولده، ولأن عليا وبني هاشم ومن انضوى إليهم لم يبايعوا في مبدأ الأمر، وامتنعوا، ولم يتوقف المسلمون في تصحيح إمامة أبي بكر وتنفيذ أحكامه على بيعتهم. وهذا دليل على صحة (الاختيار) وكونه طريقا إلى الإمامة، وإنه لا يقدح في إمامته عليه السلام امتناع معاوية من البيعة وأهل الشام.
فأما الإمامية فتحمل هذا الكتاب منه عليه السلام على التقية، وتقول: إنه ما كان يمكنه أن يصرح لمعاوية في مكتوبه بباطن الحال، ويقول له: أنا منصوص علي من