وقال في جواب بعض أصحابه، وقد سأله: كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به، فقال عليه السلام: يا أخا بني أسد، إنك لقلق الوضين، ترسل في غير سدد، ولك بعد ذمامة الصهر وحق المسألة، وقد استعلمت فاعلم: أما الاستبداد علينا بهذا المقام، ونحن الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نوطا، فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس آخرين، والحكم لله (1).
ويقول عليه السلام: وقد قال قائل: إنك على هذا الأمر يا ابن أبي طالب لحريص، فقلت:
بل أنتم والله، لأحرص وأبعد، وأنا أخص وأقرب، وإنما طلبت حقا لي وأنتم تحولون بيني وبينه، وتضربون وجهي دونه (2).
ثم يقول عليه السلام: اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي. ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه، وفي الحق أن تتركه (3).
وللإمام كلام كثير يرويه الشريف في النهج على هذا النمط. ولسنا نشك نحن في بيعة الإمام للخلفاء الثلاثة الأول، وإنما نشك كل الشك أن تكون هذه البيعة قائمة على أساس الإيمان بشرعية البيعة، وشرعية الخلافة القائمة على البيعة، أو شرعية مبدأ (الاختيار)، وإنما كانت قائمة على مصلحة وحدة الموقف الإسلامي، والإيمان بخطر انثلام هذه الوحدة على الإسلام نفسه.
ومن يقرأ (الشقشقية) لا يشك في أن الإمام كان يعتقد بأن بيعة المهاجرين والأنصار غير ملزمة له، ولا يشك أن رأي الإمام في خلافة الخلفاء الثلاثة من قبله لم