مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣٠٤
لا ينسوا الحقيقة المشار إليها في الآية الكريمة (عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) (1) فيرضوا بقضاء الله الذي هو (من الأركان الأربعة) وفقا لتعبير الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، والله هو العالم.
الاعتقاد بالفطرة للشيخ المفيد في بحث الاعتقاد بالفطرة رأي آخر غير ما ذهب إليه الشيخ الصدوق.
ولتوضيح ذلك نقول: توجد في باب الاعتقاد بالفطرة وآيات الفطرة وأحاديثها كالحديث (فطرهم على التوحيد) أو (كل مولود يولد على الفطرة)، ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أن المراد من ذلك هو أن الله جعل فطرة الإنسان نقية متقضية للتوحيد والعقائد الحقة، وحب الحق والخير، والتصديق بحسن العدل وقبح الظلم، والنفور عن الباطل والشر، بحيث لو لم يحجب هذه الفطرة الأمور المخالفة من قبيل سوء التربية، فالإنسان بنفسه سيهتدي إلى الله ويقر بوجود الصانع كما يتقبل العقائد الحقة عند ما تعرض عليه.
والصدوق فسر الفطرة بهذا المعنى وقد بحثنا بتفصيل في (رسالتنا) في تفسير آية الفطرة حول هذا الوجه، وكونه موافقا لأصول العقائد الإسلامية في الفطرة والأحاديث الشريفة التي تدل على هذا المعنى.
والوجه الثاني: أن معنى (فطر الله الخلق على التوحيد) فطرهم للتوحيد، أي خلق الناس للاعتقاد بالتوحيد، وإلى هذا المعنى ذهب الشيخ الأعظم الشيخ المفيد واختاره.
الوجه الثالث: هو أنه عبر عن إرادة التوحيد منهم بالإرادة التكوينية، والظاهر أن المفيد استظهر من كلام الصدوق هذا الوجه فأجاب عن ذلك بقوله: لو كان الأمر كذلك لكان الجميع موحدين.

(1) البقرة - 216
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»