وعلى كل حال فنحن لا نسهب في الكلام، خوفا أن ننتهي إلى الخوض في قدر الله المنهي عنه، ونأتمر مطيعين أمر القائل (عليه السلام): إذا بلغ الكلام إلى الله فأمسكوا.
المسألة في القبر يبدو أن هذين العلمين متفقان في مسألة (المسألة في القبر) وإن كان الشيخ أبو عبد الله المفيد بين ذلك بتفصيل أكثر، وبما أن أبا عبد الله لم يعترض على أبي جعفر الصدوق في أمر (الرجعة)، فيبدوا أنه متفق معه، كما أنه لم يعلق على الأبواب التالية (البعث بعد الموت) و (الحوض) و (الشفاعة) و (الوعد والوعيد) و (ما يكتب على العبد).
وفي مسألة العدل جاء كلام أبي عبد الله ببيان واف وشرح كاف مكملا ومتمما لكلام أبي جعفر رحمه الله.
الاعتقاد في الأعراف وفي باب (الأعراف) أيضا لا يوجد اختلاف كبير بين وجهتي نظر الصدوق والمفيد، سوى ما قاله الصدوق في الأعراف: إنه (سور بين الجنة والنار)، أما المفيد فقال: قد قيل:
إن الأعراف جبل بين الجنة والنار، وقيل: أيضا إنه سور بين الجنة والنار.
فالاختلاف بينهما إن وجد، فهو من حيث الإيجاز والتفصيل، وكلام المفيد في ذيل هذا الباب في منتهى الكمال إذ قال (وكل ما ذكرناه جائز في العقول وقد وردت به أخبار والله أعلم بالحقيقة من ذلك، إلا أن المقطوع به في جملته أن الأعراف مكان بين الجنة والنار، يقف فيه من سميناه من حجج الله تعالى على خلقه، ويكون به يوم القيامة من المرجئين لأمر الله، وما بعد ذلك فالله أعلم بالحال فيه) (1) وفي (باب الصراط) كلام كل منهما قريب من الآخر بل موافق للآخر، قدس الله سرهما.