مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣٠٩
ذكر معانيها كان أسلم له من الدخول في باب يضيق عنه سلوكه). ثم ذكر المفيد لكل من النفس والروح أربعة معان لا تلاقي بينها لا في الترادف ولا في المفهوم.
ونحن نقول هنا محتملين: إن الظاهر أن الصدوق أراد بالنفوس هنا ذوات الناس، أي الخصوصية أو الامتياز ما بين هذا الإنسان وذاك الإنسان، وهذا هو المعنى الأول من المعاني الأربعة التي ذكرها المفيد (للنفس).
وبعبارة أخرى: إن نفس الإنسان وذاته روح، وفي قبال هذا المعنى ما قيل في نفس الحيوان (1) وذاته: بأنها بدنه العنصري الحي، فإذا لم نقل بأن الحيوانات لها روح بحسب طبيعتها ونفسها، أو روح أطلقها الصدوق على النفس، لا تصح على أي معنى من المعاني التي عرفها المفيد للنفس. فإن معنى هاتين الكلمتين غير منحصر بهذا العدد من المعاني.
فقد قال المفيد (وأما الروح فعبارة عن معان، أحدها: الحياة. والثاني: القرآن.
والثالث: ملك من ملائكة الله تعالى. والرابع: جبرئيل (عليه السلام)).
مع أنه ورد في أحاديث كثيرة التعبير بالروح وأريد بها روح الإنسان، والمفيد نفسه أشار إلى أن الروح تطلق على سائر الملائكة أيضا، وقال إضافة إلى ذلك - بصراحة -:
(إن الأرواح بعد موت الأجساد على ضربين) مع أن هذا المعنى هو غير المعاني الأربعة التي ذكرها المفيد للروح.
وعمدة ما في نقاش المفيد وإشكاله على الصدوق في ما يلي:
أولا: في خلق الأرواح قبل الأجسام الذي يعتقد به الصدوق وفقا لدلالة الروايات الكثيرة عليه، وكأن المفيد أنكر ذلك حتى نسبه إلى القائلين بالتناسخ والحشوية من الشيعة الذين يقولون بأن الذوات الفعالة أو الأرواح مخلوقة في عالم الذر، واستدل على نفي كل ذلك بقوله: (ولو كان ذلك كذلك، لكنا نعرف نحن ما كنا عليه، وإذا ذكرنا به ذكرناه ولا خفي علينا الحال فيه).

(1) ورد التعبير في أصل المقال بصيغة الجمع وقد استغنى المترجم بصيغة المفرد الداخلة عليها لام الجنس لأنها تدل على العموم، فاعلم. المترجم.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»