فقال (عليه السلام): استوى من كل شئ، فليس شئ أقرب إليه من شئ. والظاهر من هذه الرواية أنه استشهد بإطلاق العرش على العلم، واستفاد منه أن نسبة جميع الأشياء إلى علم الله على سبيل الاستواء والتساوي، فليس شئ أقرب إليه من شئ.
ثم روى بعض الأخبار الواردة عن حملة العرش من الملائكة، وإذا لم يمكن تأويلها من الأخبار نفسها فلا ننفي ظاهرها بل نقول (وما يعلم جنود ربك إلا هو) (1) وسبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك، وما أصغر عظيمه في جنب ما غاب عنا من قدرتك.
ومع ذلك نقول: لا يجب الاعتقاد بهذه المعاني، ولا يحصل اليقين والاعتقاد لكل أحد بأخبار الآحاد.
وفي القسم الآخر من هذا الباب فسر جملة العرش بالمعنى الثاني أي (العلم) ومن جملتهم بل أكملهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، وكل شيعي مؤمن بولاية الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) يعتقد بذلك، وقد أدلى المفيد في هذا الباب بدلوه فقال (2) (العرش في اللغة هو الملك، والاستواء عليه هو الاستيلاء عليه، فأما الوصف للعالم بالعرش فهو في مجاز اللغة دون حقيقتها... فأما العرش الذي تحمله الملائكة فهو بعض الملك، والأحاديث التي رويت في صفة الملائكة الحاملين للعرش، أحاديث آحاد وروايات أفراد لا يجوز القطع بها ولا العمل عليها) والله هو العالم.
الاعتقاد في النفوس والأرواح ناقش المفيد الصدوق في بحث النفوس والأرواح، فأورد على كلام الصدوق حيث قال (اعتقادنا في النفوس أنها هي الأرواح، وأنها الخلق الأول، وأنها خلقت للبقاء، وأنها في الأرض غريبة وفي الأبدان مسجونة). فرد عليه بشدة قائلا (كلام أبي جعفر في النفس والروح على مذهب الحدس دون التحقيق، ولو اقتصر على الأخبار ولم يتعاط