مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣٠٣
ينتهى إلى ابن أذينة. وروى حديثا آخر في باب القضاء والقدر من كتابه المشار إليه آنفا بسند ينتهى إلى الأصبغ بن نباته.
ومع ذلك فإن الصدوق إذا لم يكن هنا قد بين معنى القضاء وربما أعرض عنه لوضوحه، فإنه ذكر للقضاء في كتابه (التوحيد) عشر معان، واستشهد لجميع هذه المعاني بآيات القرآن الكريم، بينما لم يذكر المفيد قدس سره هنا أكثر من أربعة معان للقضاء، وإن كانت المعاني العشرة يمكن إرجاعها بعضها إلى بعض، ونحن لسنا في مقام البحث اللغوي عنها هنا، وإنما مقصودنا أن يعلم أن مثل هذه المعاني لم تكن خافية على الصدوق.
وثانيا: على أي أساس ومعيار عدت هذه الأخبار من الشواذ، مع أن الصدوق نفسه روى في كتابه التوحيد في باب القضاء والقدر ستة وثلاثين حديثا؟!.
ومما رواه من الأحاديث في هذا الباب حديث آخر مهيب وقيم جدا وهو (ألا إن القدر سر من سر الله، وستر من ستر الله، وحرز من حرز الله، مرفوع في حجاب الله) وهو الحديث 32 من الباب 60 من كتاب التوحيد.
وعلى كل حال فإننا في هذا الباب نتزود من كلمات هذين العلمين ونجلس على خوان نعمة ومائدة بسطاها وأمثالهما للأمة الإسلامية عامة وللعلماء والباحثين خاصة، فشكر الله مساعيهم.
والأولى أن نتأدب في هذه الأبواب بأدب الروايات وأن نتجنب عن الخوض في القدر، والأولى من ذلك أن نقيد النهي المطلق في هذه الروايات ونعتبره خاصا بأولئك الذين يعد تكلمهم في القدر خلاف مصلحتهم ويعرضهم للضلال.
وعلى أي، فنظن أن إثارة مسألة قضاء الله وقدره والإيمان بها، من فوائدها أن لا يعد أحد أن يد الله لادخل لها في الأمر، ولا يغفل الناس عن التوكل على الله والاستمداد من حوله وقوته، في الوقت نراهم يتوسلون بالأسباب الظاهرية، ولا يبسطوا ألسنة الاعتراض والشك بوجه الحوادث والمصائب المكدرة أيضا، وأن
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»