لا يقال إن احتمال اتحاد ما يستفاد منه العموم مع ما لا يستفاد منه أو يستفاد منه الخصوص غير مقبول عند العرف والعقلاء بل يجب الحكم بتعدد الحديث، ولو فتحنا هذا الباب في الأحاديث ليسقط أكثرها عن الحجية.
فإنه يقال قد يقوم في بعض الموارد قرائن تدل على اتحاد الحديث وعدم صدوره مكررا بحيث يحصل بها اليقين أو الاطمئنان أو الظن للناقد البصير العارف بأحوال الأحاديث، وإسنادها ومتونها فلا يحرز بمجرد تكرر نقل بعض الأحاديث تكرر صدوره عن الإمام (عليه السلام)، ولو شككنا في ذلك فليس لنا في البين أصل يدفعه، فإذا أخبر زرارة أو غيره من الشيوخ أحد تلاميذه بحديث في إرث الزوجة مثلا، وأخبر تلميذه الآخر أيضا، وهكذا أخبر ساير تلاميذه به لا يستلزم ذلك تعدد المخبر به، وإن كان ما ذكره الشيخ لبعض تلاميذه غير ما ذكره لتلميذه الآخر، وإلا خرج عدد الأحاديث بتكثر الوسائط، وتعدد التلاميذ في كل طبقة عن حد الإحصاء.
إن قلت فمن أين جاء اختلاف المضمون.
قلت اختلاف المضمون إنما جاء من جهة النقل بالمعنى، واختلاف التعابير والإتكال على وضوح المعنى عند المخاطب وعطف كلمة بكلمة في مقام التفسير وكون الناقل في مقام التفصيل أو الإجماع، والاختصار والاحتياج إلى نقل بعض الحديث وعدم الحاجة إلى نقل تمامه، ودخالة فهم الناقلين وغير ذلك.
فهذا خبر يزيد الصائغ رووه تارة عن محمد بن عيسى عن يحيى الحلبي عن شعيب عنه، وتارة عن محمد بن أبي عبد الله عن معاوية بن حكيم عن علي بن الحسن بن رباط عن مثنى عنه، ومتنه يشهد بأنهما حديث واحد، ومع ذلك يقول في ما خرجوه عن محمد بن عيسى: سألته عن النساء هل يرثن من الأرض؟ فقال لا ولكن يرثن قيمة البناء. ويقول فيما أخرجوه عن محمد بن أبي عبد الله: إن النساء لا يرثن من رباع الأرض شيئا.
فلو كنا والحديث الأول نعتمد عليه، ونستظهر من قوله: هل يرثن من الأرض العموم بسبب ترك الاستفصال في مقام الجواب، ولكن مع ملاحظة الحديث الثاني