مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٧٨
مثلا القول بكفاية مسح بعض الرأس أو بوجوب مسحه كله، ليس من باب تغير الحكم، وكيف يكون الرأيان المتقابلان في زمان واحد من تغير الحكم؟ بل على القول بالتصويب يكون كل منهما بالنسبة إلى من اختاره حكم الله تعالى، لأن الحكم على هذا القول متعدد، أو يتعدد بعدد آراء المجتهدين أو المجتهد الواحد.
والإشكال على هذا الرأي بأنه إذا كان الأمر كذلك فعن أي حكم يفحص المجتهد ويطلب عليه الدليل؟ مع أنه معلق على علمه أو ظنه ولا تحقق له قبل رأيه، هذا الإشكال وارد على القائل بالتصويب ولا جواب عنده عليه، إلا أن ما يهمنا هنا أنه على كلا القولين بالتخطئة والتصويب فإن اختلاف آراء المجتهدين وتغير فتاواهم بأسبابها المعروفة ليس من باب تغيير الحكم بل يؤيد ثبات الأحكام وصيانتها عن التغيير.
كما ينبغي الإشارة إلى ما ورد في كلامه من تفسير الاجتهاد، فقد ذكر أن مثل فهم الباء في قوله تعالى: (فامسحوا برؤوسكم) وهل أنها للتبعيض أو هي زائدة ليس اجتهادا بالمعنى الصحيح بل هو اختيار لمعنى من المعنيين.
ولكن ذلك محل نظر ونقاش، فكأنه توهم أن للناظر في الأدلة المحتملة لمعان متعددة الخيار في اختيار واحد منها، مع أن عليه أيضا أن ينظر في اللغة والشواهد التي أقيمت على كل واحد من المعاني والقرائن الدالة على إرادة بعضها المعين، فيرجع باجتهاده واحدا من المعاني ويفتي به، وإلا فيتوقف عن الفتوى.
3 - أحكام المعاملات قال: (أما المعاملات وترتيبها وأحكامها فهي حق للعباد ومن أجل مصالحهم في دنياهم، فمن حقهم أن يحددوا أين تكون مصالحهم إذا لم يأت من الشرع الحكيم نص قرآني يحددها كما جاء مثلا في المواريث لما يعلمه سبحانه من تدخل العواطف فيها فحسم الرأي، وقد أشار الرسول (صلى الله عليه وآله) إلى هذا في حديثه المشهور بعد ما حدث في تلقيح النخل: إذا أمرتكم بأمر من أمور دينكم فخذوا منه ما استطعتم، وما كان من أمر دنياكم فإليكم، أنتم أعلم بشؤون دنياكم. وكأن هذا الحديث هو
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»