مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٦٥
الفقهاء والصحابة والصحابيات يتذاكرها ويدرسها في بحوثه الفقهية التي كان يلقيها يوميا على مأة من الفقهاء والمجتهدين وطلبة الفقه.
ومن يراجع كتب الفقه للشيعة يظهر له جليا أنهم متمسكون في العقايد والأصول والفروع بأقوى الأدلة من الكتاب والسنة، لا يحكمون آراءهم ولا رأى أحد من الناس على دين الله، إليهم ينتهي الفخر في الابتداء بالتأليف في أكثر العلوم الإسلامية، وهم بدؤوا واهتموا بحفظ الحديث وضبطه وكتابته، حينما تركه غيرهم حتى نهوا عن كتابته، وأمروا بمحو ما كتب منه (1).
وبعد ذلك نقول: ماذا يريد الشيخ من نقل المذاهب السبعة فقهها نقلا مدونا صحيحا ثابتا، فإن أراد به مثلا أن الشوافع أو الأحناف نقلوا فقه الشافعي أو أبي حنيفة بالنقل الصحيح الثابت، فمضافا إلى اختلافهم في ذلك ما قيمة هذا النقل لغيره من المجتهدين وإن كان صحيحا، فكل مجتهد هو واجتهاده وما يستنبطه من الكتاب والسنة سواء ثبت عنده نقل المذاهب السبعة نقلا مدونا صحيحا ثابتا أم لم يثبت، لأن المجتهد ينظر في هذا المقام إلى المنقول لا إلى المنقول منه، فإن وجده صحيحا عند ما يعرضه على الكتاب والسنة يختاره ويقول به وإن لم يثبت نقله عن المنقول منه، وإن لم يجده صحيحا عليه أن يذره ويتركه وإن ثبت نقله عن الشافعي وغيره أو سمعه بنفسه منه، فلم يدل دليل من الشرع على أن ما أدى إليه اجتهاد أئمة المذاهب السبعة هو أصوب وأقرب إلى الواقع من اجتهاد غيرهم، ولم ينفع تقسيم المذاهب الفقهية بالمذاهب المعروفة إلا الاختلاف بين الأمة وإثارة الفتن الدامية التي ليس هنا محل الإشارة إلى بعضها.
وتمام القول والقول التمام أنه لا حجية لهذه المذاهب بنفسها للمجتهد والباحث في الأدلة، ولا يجوز للمجتهد أن يقصر اجتهاده في فقه مذهب خاص من المذاهب الأربعة أو السبعة، ولا يكفيه هذا الاجتهاد في العمل بالتكاليف الشرعية.

(١) يراجع في ذلك (كتاب أضواء على السنة المحمدية) و (كتاب تأسيس الشيعة).
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 169 171 172 ... » »»