مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٧٥
ولو لم نحتفظ بهذا الأصل الأصيل، ولم ننكر على من يتخلف عنه أو يقول باختصاصه بالنصوص القرآنية، أو باختصاصه بغير الأمور الدنيوية والمالية، لرأينا الدين غير الدين والملة غير الملة، ولتلاعب أهل الأهواء والآراء في كل عصر بلعب جديد يوافق بزعمهم مزاج العصر.
ومن هذه التلاعبات مقال نشر في مجلة (العربي) الكويتية عدد 379 ص 33 ذو القعدة 1410 ه‍ يونيو 1990 م. تحت عنوان (الفتاوي والأحكام الإسلامية بين التغير والثبات) بقلم الدكتور عبد المنعم النمر، نلفت أنظار الباحثين الأعزاء إلى الأمور التالية فيه:
1 - الخلط بين الحكم الشرعي والفتوى قال: (ليس لكل الأحكام والفتاوي الإسلامية حصانة من تغيرها حسب الزمان والمكان، والظروف التي تمر ببيئة المسلم ومجتمعه).
فتراه خلط بين الحكم والفتوى ولم يفرق بينهما، مع أن الأحكام الشرعية لا تتغير وهي ثابتة باقية، وفعليتها متقومة بوجود موضوعاتها في الخارج، كما أنها باقية ببقائها، سواء في ذلك أحكام الشريعة الإسلامية وأحكام الشرايع السابقة، غير أن الثانية قد نالتها يد النسخ دون الأولى فلا تنالها يد النسخ أبدا لخاتمية دين الإسلام، فلا يأتي بعده حكم جديد من السماء، وحلاله حلال إلى يوم القيامة، وحرامه حرام إلى يوم القيامة.
نعم لو أراد من الحكم الأحكام السلطانية الموقتة المنشأة في موارد الضرورة وتزاحم الأحكام والتي يدور بقاؤها مدار الضرورة التي أوجبتها لصح ذلك، لأنها بطبيعتها تقتضي التغير، ولكن الظاهر من كلامه إرادة غير ذلك أو الأعم من ذلك، أو القول بكون الأحكام كلها إلا ما كان منصوصا عليه في القرآن من الأحكام السلطانية، فلا يكون ما صدر عن الرسول (صلى الله عليه وآله) من الأحكام الشرعية.
وإن أراد من الحكم الأحكام القضائية فهي وإن كانت تقبل التغيير والنقض أيضا كما هو مذكور في كتاب القضاء كما لو تبين للقاضي خطؤه، إلا أن كلامه لا يشمل ذلك،
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»