المطلقة في الشرك ونفي حاكمية الله تعالى، إلا أن هؤلاء المفتونين بالديمقراطية يرون الحاكمية والاستبداد بالأمر وتشريع البرامج والنظم السياسية والقضائية وغيرها حقا للشعب والناس، والحكومات الديكتاتورية الطاغوتية تراها للديكتاتور الطاغوت، فهذه حكومة طاغوتية جماعية خارجة عن حكومة الله تعالى، وهذه حكومة طاغوتية استبدادية فردية، وكل منهما ليست من الحكومات الشرعية المؤمنة بالله تعالى وحكومته وأحكامه وشرايعه.
ولا يخفى عليك أن صيانة الأحكام الإلهية عن تصرف أفراد البشر بالنسخ والتغيير والتبديل خصيصة عامة لجميع الشرايع والأديان السماوية، فلا ولاية لأحد على تغيير حكم من أحكام الله، نعم عدم جواز نسخ الأحكام من جانب الله تعالى كما في الشرائع السابقة خصيصة اختص بها دين الإسلام، لأنه خاتم الأديان والشرايع، وأفضلها وأقومها، فلا نبوة ولا نبي بعده كما جاء في الخبر المتواتر عن الرسول (صلى الله عليه وآله) إنه قال لعلي (عليه السلام):
(أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وفي لفظ (إلا أنه لا نبوة بعدي).
والخاتمية سرها وباطنها وعلتها أكملية الدين، فالدين الخاتم، يجب أن يكون أكمل الأديان، كما أن الأكمل لابد وأن يكون الخاتم لأنه نهاية الغرض والحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب، فلا رسالة بعده. فالرسالة المحمدية هي تمام الرسالات وكمالها، وجاء بها نبينا الأعظم سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وما أحسن ما قيل بالفارسية:
نام أحمد نام جمله أنبيا است * چونكه صد آمد نودهم پيش ما است نعم جاء برسالته (صلى الله عليه وآله) عند ما بلغ المجتمع الإنساني بلوغه الصالح لتحمل هذه الرسالة والعمل بها، ومهما تتقدم العلوم والمعارف، وتتقارب البلدان وتسير إلى الأمام والوحدة الاجتماعية والسياسية، يتكامل هذا البلوغ والصلاحية.
وجدير بالذكر أن هذا الأساس والعقيدة عند المسلمين، بأن الأحكام مصونة عن التغيير والتبديل، كان من أدل الأدلة لرد المتجاوزين والمتعدين حدود الله وأحكامه، ونفي إبطال المبطلين طوال أربعة عشر قرنا.