مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٧٣
الحكومة والسياسة، نظام المال والاقتصاد، نظام الزواج والعائلة والأحوال الشخصية، نظام التعليم والتربية الرشيدة، نظام القضاء وفصل الخصومات، نظام الحقوق والمعاملات، نظام الصلح والحرب، ونظام كل الأمور، فهو عقيدة وشريعة، وسياسة وحكومة.
نظام لا ينسخ ولا يزول ولا يتغير أبدا، لأن الله تعالى ختم به وبالمرسل به، سيدنا وسيد الخلق أجمعين، وسيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله)، النبوات والرسالات، فلا شريعة بعده ولا كتاب ولا نبوة، ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه، وهو في الآخرة من الخاسرين.
ولا ريب أن معنى خاتمية الدين بقاء أحكامه الخمسة من الكراهة والندب والإباحة والوجوب والاستحباب، وأحكامه سواء كانت أحكام موضوعات بعناوينها الأولية مثل حرمة أكل الميتة، أو بعناوينها الثانوية مثل جواز أكل الميتة في حال الاضطرار، وسواء كانت من الأحكام الظاهرية أو الواقعية، على ما بين تعريفها في علم أصول الفقه، وهكذا أحكامه الوضعية كالزوجية والملكية والولاية والحكومة وغيرها، سواء قلنا بأن الوضعية منها متأصلة بالتشريع والجعل الإلهي، أو منتزعة من الحكم التكليفي الشرعي.
فهذه الأحكام بجملتها وبكل واحد منها مصونة عن التغيير والتبديل، فلا تنالها يد الإنسان كائنا من كان بتغيير ولا تبديل، لا لأنها أحكام خالدة حكم الله تعالى بخلودها وبقائها ما بقي من الإنسان كائن حي فحسب، بل لأنه مضافا إلى ذلك ليس لغير الله تعالى - على أساس الإيمان بالتوحيد وبصفات الله الكمالية التي هو سبحانه متفرد بها - صلاحية التشريع والحكم، والولاية على غيره، بل وعلى نفسه.
فالنظام المؤمن بالله تعالى لا يعدل عن أحكام الله تعالى، ولا يرى لشعبه ولا لقيادته حق التشريع، ولا يتخذ حاكما ووليا من دون الله، بل يقدس الله وينزهه عن أن يكون له شريك في الحاكمية والمشرعية، وذلك بخلاف مبادئ الأنظمة المشركة الملحدة، التي من مبادئها أن الحكومة ووضع القوانين والأنظمة حق للشعب والأكثرية دون الله تعالى، ولافرق بينها وبين حكومات الطواغيت الماضية والأنظمة الملكية
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 169 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»