نعم أصل مسألة التصويب محل إشكال لاستلزامه الدور المحال، واستلزامه دخالة ظن المجتهد أو علمه بالحكم في وجود الحكم.
وهنا كلام في التفصيل بين الأدلة الظنية القائمة لتعريف أصل التكليف وبيانه، وبين الأدلة الظنية المبينة لشرائط التكليف وأجزائه، مثل شرائط الصلاة وأجزائها نفيا وإثباتا، ذكرناه في الأصول ولا نطيل ببيانه هنا، لأن النتيجة على كل صورة أن حكم الله تعالى لا يتغير وإن تغيرت فتوى المجتهد فيه.
2 - التفصيل بين الأحكام في الثبات والتغير فصل الكاتب بين الأحكام العبادية المنصوص عليها في الكتاب والسنة، وبين الأحكام الدنيوية المتعلقة بالمعاملات والتصرفات الحياتية المنصوص عليها في الكتاب والسنة، مثل حل البيع وتحريم الربا وكيفية تقسيم المواريث وحكم القتل العمد والخطأ وشبه العمد، والطلاق والزواج، وقاعدة: (فللذكر مثل حظ الأنثيين) فهذه أحكام وقواعد دلت عليها النصوص، ولا مجال لأحد أن يغيرها ويدعي أنها كانت أحكاما لظروف خاصة، بل هي تسري في كل الظروف.
على أنه ربما يظهر من الكاتب في آخر بحثه حول مسألة حق الانتخاب للمرأة، أنه يقول بجواز تغيير الأحكام المنصوص عليها أيضا كما سيأتي.
قال: (ومع ذلك فلهذه الأحكام الثابتة تفصيلات لم يك بها نص قاطع المعنى، بل يكون معناه محتملا لأكثر من وجه، وهذه يجري فيها الرأي الذي يقوم به العالم المتخصص على ضوء ما يفهمه من الكتاب والسنة لاعلى ضوء ظروف الحياة وتحقيق المصلحة) إلى آخر كلامه.
والظاهر أن مراده أن ما ورد فيه نص قطعي لا يحتمل إلا معنى واحدا فليس فيه مجال للاجتهاد، وما يحتمل أكثر من معنى يجري فيه الاجتهاد، ولكن هذا لا يختص بما ذكره من تفاصيل الأحكام، بل إذا ورد نفس الحكم في نص يحتمل أكثر من معنى فهو قابل للاجتهاد وتغير الرأي أيضا كما ذكرناه.