حيث لا تشعرون. فقال الحصين: وبماذا ينتقم لك منا يا ابن فاطمة؟ قال الإمام:
يلقي بأسكم بينكم، ويسفك دماءكم ثم يصب عليكم العذاب صبا " (1).
ووقف الإمام ليستريح:
وضعف الإمام عن القتال ووقف يستريح، فرماه رجل بحجر على جبهته فسال دمه، فأخذ الثوب ليمسح دمه عن عينيه، وجاءه سهم له ثلاث شعب فوقع على قلبه، فقال الإمام: " باسم الله وبالله على ملة رسول الله، ورفع رأسه إلى السماء: إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره ".
وجاءه سهم في قفاه فأخرجه، وانبعث الدم كالميزاب (2) فوضع يده الشريفة تحت الجرح فلما امتلأت رمى بها نحو السماء وقال: " هون علي ما نزل بي أنه بعين الله فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض " (3) ثم ملأ يده بالدم ولطخ به رأسه ووجهه ولحيته وقال: " هكذا أكون حتى ألقى الله وجدي رسول الله وأنا مخضب بدمي... " (4).
نداء الحسين للأصحاب:
نظر الإمام الحسين يمينا وشمالا فلم ير أحدا من أهله وأصحابه وأنصاره فنادى: يا مسلم بن عقيل، ويا هاني بن عروة، يا حبيب بن مظاهر، يا زهير بن القين، يا يزيد بن مظاهر... وسمى الكثير من أصحابه ثم قال: يا علي بن الحسين، يا أبطال الصفا، ويا فرسان الهيجاء، ما لي أناديكم فلا تجيبون وأدعوكم فلا تسمعون، أنتم نيام، أرجوكم تنتبهون، أم حالت مودتكم عن إمامكم فلا تنصرونه، فهذه نساء الرسول لفقدكم قد علاهن النحول، فقوموا من نومتكم أيها الكرام، وادفعوا عن حرم رسول الله الطغاة اللئام.... ثم أنشأ يقول:
قوم إذا نودوا لدفع ملمة * والخيل بين مدعس ومكردس