الحسن: " ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فقال: أبكي لما صنع بك، فقال الحسن: إن الذي أوتي إلي سم أقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، وقد ازدلف إليك ثلاثون ألفا يدعون أنهم من أمة جدنا محمد، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء دما، ويبكي عليك كل شئ حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار " (1).
وكتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد: " إني لم أجعل لك علة في كثرة الخيل والرجال، فانظر لا تمس ولا تصبح إلا وخبرك عندي غدوة وعشية " وكان يستحثه على الحرب لست خلون من شهر محرم.
الإمام الحسين وجها لوجه مع جيش دولة عظمى!!:
كانت دولة الخلافة دولة عظمى بالفعل، فقد هزمت الدولتين العظيمتين في زمانها: فارس في الشرق وروما في الغرب، وحلت محلهما، واستولت على كافة مكتسباتهما وكان مجتمع الخلافة مجتمعا عسكريا، بمعنى أن الالتحاق بجيش الخلافة هو المهنة المألوفة لغالبية رعايا دولة الخلافة، وهي مصدر رزق هذه الغالبية.
ومن المفارقات أن أهل العراق كانوا يمثلون الشرعية الإلهية ويدافعون عنها، وفي سبيل الدفاع عن هذه الشرعية دخلوا مع أهل الشام بحرب دموية مريرة، وانتهت هذه الحرب بهزيمة الشرعية وبهزيمة أهل العراق وبانتصار القوة والواقع وبتتويج معاوية ملكا على المسلمين كثمرة طبيعية لانتصار القوة وهزيمة الشرعية، وعلى الرغم من الهزيمة الساحقة التي حلت بأهل العراق وقلبت كامل المعادلة، إلا أن هذا البلد كان مصدر إزعاج دائم للخليفة الأموي، مما اضطره أن يختار عامل العراق دائما من المجرمين العتاة، كابن زياد، وعبيد الله، والحجاج.. ومما فرض على العراق وضع فرقة مسلحة كبيرة من جيش الشام