كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٧٨
الحسن: " ما يبكيك يا أبا عبد الله؟ فقال: أبكي لما صنع بك، فقال الحسن: إن الذي أوتي إلي سم أقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، وقد ازدلف إليك ثلاثون ألفا يدعون أنهم من أمة جدنا محمد، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك، وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحل ببني أمية اللعنة، وتمطر السماء دما، ويبكي عليك كل شئ حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحار " (1).
وكتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد: " إني لم أجعل لك علة في كثرة الخيل والرجال، فانظر لا تمس ولا تصبح إلا وخبرك عندي غدوة وعشية " وكان يستحثه على الحرب لست خلون من شهر محرم.
الإمام الحسين وجها لوجه مع جيش دولة عظمى!!:
كانت دولة الخلافة دولة عظمى بالفعل، فقد هزمت الدولتين العظيمتين في زمانها: فارس في الشرق وروما في الغرب، وحلت محلهما، واستولت على كافة مكتسباتهما وكان مجتمع الخلافة مجتمعا عسكريا، بمعنى أن الالتحاق بجيش الخلافة هو المهنة المألوفة لغالبية رعايا دولة الخلافة، وهي مصدر رزق هذه الغالبية.
ومن المفارقات أن أهل العراق كانوا يمثلون الشرعية الإلهية ويدافعون عنها، وفي سبيل الدفاع عن هذه الشرعية دخلوا مع أهل الشام بحرب دموية مريرة، وانتهت هذه الحرب بهزيمة الشرعية وبهزيمة أهل العراق وبانتصار القوة والواقع وبتتويج معاوية ملكا على المسلمين كثمرة طبيعية لانتصار القوة وهزيمة الشرعية، وعلى الرغم من الهزيمة الساحقة التي حلت بأهل العراق وقلبت كامل المعادلة، إلا أن هذا البلد كان مصدر إزعاج دائم للخليفة الأموي، مما اضطره أن يختار عامل العراق دائما من المجرمين العتاة، كابن زياد، وعبيد الله، والحجاج.. ومما فرض على العراق وضع فرقة مسلحة كبيرة من جيش الشام

(1) أمالي الصدوق ص 71 مجلس 30، وفي هامش تذكرة الخواص: إنهم مائة ألف، راجع مقتل الحسين للمقرم ص 242 - 243.
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327