كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٦٧
وورث الآلية أو المكنة التي تساعده وبكل يسر على تسخير كل موارد الدولة وطاقاتها لتثبيت دعائم عرشه ودوام ملكه، وسحق خصومه، سحقا لا رحمة فيه، بهذا المناخ المملوء بالرهبة والرعب والإرهاب والذل، امتنع الإمام الحسين عن البيعة، وخرج، وتوالت خطبه وتصريحاته المملوءة بأنقى الأفكار الدينية وأنبل المشاعر الإسلامية، وأعلن الإمام عدم شرعية خلافة يزيد، وبطلانها، وبطلان كافة الفتاوى الصادرة عن علماء دولة الخلافة، وفساد إعلام تلك الدولة، وتهدم الأساس الذي قامت عليه، وعدم شرعيته كما أسلفنا، واستمع المسلمون إلى كل ما صدر عن الإمام من خطب وتصريحات وهم بين مصدق ومن يكذب!! وفركوا أعينهم، وتأكدوا أنها مفتوحة، وأنهم ليسوا بحلم!! لقد جن جنونهم بالفعل!!
فمن يجرؤ على على انتقاد الخليفة!! ومن يجرؤ على عصيانه أو الامتناع عن طاعته!!
ومن يجرؤ على المخاطرة برزقه وعطائه الشهري!!! ومن يجرؤ على انتهاك هيبة الخليفة وجلاله!!! بل ومن يجرؤ على المغامرة بمستقبله وحياته، وحياة من يحبهم!! ومن يجرؤ على مواجهة الخليفة وأركان دولته!! إن هذا لأمر عجاب!!
لقد تصور المسلمون لطول الذل وعمقه أن الخليفة قد خلق ليطاع، ووجدت أعماله ليقبل الناس بها، بل لقد وجد الناس أنفسهم خصيصا لطاعته!! وهاهو ابن النبي الإمام الحسين يخرج فجأة ليعلن بطلان كل شئ، وفساد كل الاعتقادات السابقة!!! ويدعو إلى مراجعة ذاتية شاملة!!!.
والمثير حقا أن يشارك الإمام الحسين بكل هذا أهل بيت النبوة، وآل محمد وذوي قرباه، فهل يعقل أن يكون الخليفة مخطئا!!! وكيف يكون مخطئا وعنده مفاتيح ملك دولة الخلافة!!! وتحت أمرته كل رعايا الدولة يغضبون لغضبه ويرضون لرضاه!!! الخليفة الذي قدمته وسائل إعلام دولته كقديس!!! وكخليفة لرسول الله!! بل وكخليفة لله تعالى نفسه!!! إن هذا أمر لا يصدق!!!.
ومن جهة فهل يعقل أن يخطأ الإمام الحسين!! فالصفوة الباقية من الصحابة تؤكد أن رسول الله قد عهد إليه بالإمامة من بعد أخيه الحسين، وكل الناس يعرفون أنه ابن فاطمة الزهراء ابنة النبي، وأنه حفيد النبي، وعميد الآل، والأهل، وذوي القربى، كيف يخطأ من جعله الله ثقلا ملازما للقرآن!! وإن أخطأ فهل يعقل أن
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327