عليك رسولي، ولا تنزله إلا بالعراء، في غير خضر، ولا على غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام ".
فلما قرأ الكتاب، قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني كتابه، وهذا رسوله وقد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ أمره فيكم، فنظر يزيد بن مهاجر الكندي إلى رسول ابن زياد فعرفه، فقال له: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه؟ فقال: أطعت إمامي، ووفيت ببيعتي!! فقال له ابن مهاجر: بك عصيت ربك، وأطعت إمامك في هلاك نفسك، وكسبت العار والنار، وبئس الإمام إمامك، قال تعالى: * (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) * [القصص / 41]، فإمامك منهم.
وأخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان على غير ماء، ولا في قرية، فقال له الحسين: دعنا ويحك ننزل في هذه القرية أو هذه - يعني نينوى والغاضرية -، أو هذه يعني شفيه، فقال الحر: لا والله لا أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث لي عينا علي، فقال له زهير بن القين: إني والله لا أرى أن يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون يا ابن رسول الله إن قتال هؤلاء القوم الساعة، أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به.
فقال الإمام الحسين: ما كنت لا بدأهم بالقتال، ثم نزل الإمام الحسين وكان ذلك اليوم هو يوم الخميس الثاني من محرم سنة إحدى وستين (1).
وأقبل الإمام الحسين على أصحابه فقال: " الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون، ثم قال: أهذه كربلاء، قالوا: نعم يا ابن الرسول، فقال: هذا موضع كرب وبلاء ههنا مناخ ركبنا، ومحط رحالنا، ومقتل رجالنا، ومسفك دمائنا ". فنزل القوم، وأقبل