كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٦٠
عليك رسولي، ولا تنزله إلا بالعراء، في غير خضر، ولا على غير ماء، وقد أمرت رسولي أن يلزمك ولا يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري والسلام ".
فلما قرأ الكتاب، قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد الله يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتيني كتابه، وهذا رسوله وقد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ أمره فيكم، فنظر يزيد بن مهاجر الكندي إلى رسول ابن زياد فعرفه، فقال له: ثكلتك أمك ماذا جئت فيه؟ فقال: أطعت إمامي، ووفيت ببيعتي!! فقال له ابن مهاجر: بك عصيت ربك، وأطعت إمامك في هلاك نفسك، وكسبت العار والنار، وبئس الإمام إمامك، قال تعالى: * (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) * [القصص / 41]، فإمامك منهم.
وأخذهم الحر بالنزول في ذلك المكان على غير ماء، ولا في قرية، فقال له الحسين: دعنا ويحك ننزل في هذه القرية أو هذه - يعني نينوى والغاضرية -، أو هذه يعني شفيه، فقال الحر: لا والله لا أستطيع ذلك، هذا رجل قد بعث لي عينا علي، فقال له زهير بن القين: إني والله لا أرى أن يكون بعد الذي ترون إلا أشد مما ترون يا ابن رسول الله إن قتال هؤلاء القوم الساعة، أهون علينا من قتال من يأتينا من بعدهم، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به.
فقال الإمام الحسين: ما كنت لا بدأهم بالقتال، ثم نزل الإمام الحسين وكان ذلك اليوم هو يوم الخميس الثاني من محرم سنة إحدى وستين (1).
وأقبل الإمام الحسين على أصحابه فقال: " الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم، فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون، ثم قال: أهذه كربلاء، قالوا: نعم يا ابن الرسول، فقال: هذا موضع كرب وبلاء ههنا مناخ ركبنا، ومحط رحالنا، ومقتل رجالنا، ومسفك دمائنا ". فنزل القوم، وأقبل

(١) تاريخ الطبري ج ٣ ص ٣٠٩، والإرشاد للمفيد ص ٢٢٦، والمناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٩٦ والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ٥٥٢ وبحار الأنوار ج ٤٤ ص ٣٨٠ والعوالم ١٧ ص ٢٣٠، والأخبار الطوال 252 وينابيع المودة ج 2 ص 407 والموسوعة ص 373.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 265 266 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327