كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٠٧
العقل!!! تلك هي عبقرية إعلام دولة الخلافة!! وهذا سر عجائبه.
رأينا نماذج من الأفعال الهمجية والتي تعتبر جرائم بشعة، وفق معايير كل الشرائع الأهلية والوضعية يستحق فعلتها المجرمون المقت والخزي والموت وسخط الخالق والمخلوق معا، ومن المثير للدهشة إن إعلام دولة الخلافة يعتبر هذه الأفعال بطولات وقربات إلى الله، ويعتبر المجرمين الذين ارتكبوها أبطالا ومجتهدين لهم الأجر عليها!! فبسر بن أرطأة من عتاة المجرمين ويقال إنه صحابي، وبما أنه صحابي فهو مجتهد ومأجور على كل جرائمه حسب إعلام دولة الخلافة، قال ابن تيمية في رده على المثالب: " وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوبا وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر " (1) وقال ابن حجر في ترجمة أبي الغادية:
" والظن بالصحابة في كل تلك الحروب أنهم كانوا فيها متأولين وللمجتهد المخطئ أجر... " (2) وقال ابن حزم في " المحلى "، وابن التركماني في " الجوهر النقي " واللفظ للأول: ولا خلاف بين أحد من الأمة في أن عبد الرحمن بن ملجم لم يقتل علي بن أبي طالب إلا متأولا مجتهدا مقدرا أنه على صواب (3)، فقاتل علي بن أبي طالب مجتهد مأجور أجرا واحدا!!!! وحتى يزيد بن معاوية صار بقدرة إعلام دولة الخلافة " ذاك إمام مجتهد " (4) والخلاصة فإن كل المجرمين العتاة الذين نكلوا بأمة محمد مجتهدون، مأجورون أجرا واحدا على جرائمهم البشعة!! هذه هي طبيعة إعلام دولة الخلافة وتلك عجائبه، وحتى يزول العجب ألبسوا إعلامهم جبة الدين. أما ضحايا الحرة وكربلاء ورفاق حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق، فهم نكرات لا يلتفت إليهم إعلام دولة الخلافة، لأنهم خانوا الأكثرية، وخرجوا من صفوف الجماعة!!!!.

(١) منهاج السنة ج ٣ ص ١٩.
(٢) راجع الإصابة ج ٤ ص ١٥١.
(٣) راجع ابن حزم في المحلى ج ١٠ ص ٤٨٤، والجوهر النقي بذيل سنن البيهقي ج 8 ص 58 - 59.
(4) راجع معالم المدرستين للعسكري ج 2 ص 75 كما نقلها عن أبي الخير الشافعي المتوفى سنة 590 ه‍.
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327