الحسين بكت هذه الفئة عليه بصدق وحرقة، وندمت على موقفها وتمنت لو ماتت دونه، بعد أن تيقنت أن الإمام الشرعي قد قتل، وأن قمر العز والأمل قد اختفى نهائيا من سماء العالم الإسلامي!!!
وأفراد هذه الفئة كلهم من ذرية أبي طالب وهو الذي كفل النبي يتيما، ورباه صغيرا، ونصره كبيرا، ووقف معه وقفة عز وبطولة، ولم يتخل عنه حتى الموت، وبالوقت الذي فيه تخلى عن النبي كل الناس، ورمته بطون قريش كلها بسهم واحد وقف معه أبو طالب وأولاده وقال للنبي: " يا ابن أخي إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا حتى نخرج معك بالسلاح " (1) وقد عبر النبي عن عرفانه وامتنانه لأبي طالب وأولاده يوم مات أبو طالب، فقال النبي، والحزن يملأ قلبه الشريف:
" يا عم ربيت صغيرا، وكفلت يتيما، ونصرت كبيرا، فجزاك الله عني خيرا " (2) واعتبر رسول الله أن موت أبي طالب مصيبة أصابت الأمة الإسلامية، وسمى العام الذي مات فيه أبو طالب بعام الحزن (3) لقد وقفت عائلة أبي طالب مع النبي ولم تتخل عنه حتى الأم أو زوجة أبي طالب وقفت مع النبي وقفة عز وشرف، فقد كانت بمثابة الأم لرسول الله. الأم الحقيقية أحبت الرسول أكثر من أولادها، وعبر الرسول عن عميق عرفانه لها يوم ماتت فقال: " اليوم ماتت أمي، إنها كانت أمي، إنها كانت لتجيع صبيانها وتشبعني، وتشعثهم وتدهنني، وكانت أمي " (4).
وباختصار كما تفردت عائلة أبي طالب الرجل والمرأة والأولاد بالوقوف مجتمعين مع النبي في أيام المحنة يوم رمى العرب النبي بسهم واحد كذلك انفرد أحفاد أبي طالب وأحفاد المرأة الصالحة زوجته بالوقوف وقفة رجل واحد مع ابن النبي الإمام الحسين يوم رمته الأكثرية الساحقة من الأمة " الإسلامية " بسهم واحد، وهذا شرف لم تنله أية جماعة مسلمة، لقد كان أحفاد أبي طالب الذين وقفوا مع الإمام الحسين جماعة، وكان عددهم عشرين على الأقل، قتل منهم بين يديه