كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٠٩
الحسين بكت هذه الفئة عليه بصدق وحرقة، وندمت على موقفها وتمنت لو ماتت دونه، بعد أن تيقنت أن الإمام الشرعي قد قتل، وأن قمر العز والأمل قد اختفى نهائيا من سماء العالم الإسلامي!!!
وأفراد هذه الفئة كلهم من ذرية أبي طالب وهو الذي كفل النبي يتيما، ورباه صغيرا، ونصره كبيرا، ووقف معه وقفة عز وبطولة، ولم يتخل عنه حتى الموت، وبالوقت الذي فيه تخلى عن النبي كل الناس، ورمته بطون قريش كلها بسهم واحد وقف معه أبو طالب وأولاده وقال للنبي: " يا ابن أخي إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا حتى نخرج معك بالسلاح " (1) وقد عبر النبي عن عرفانه وامتنانه لأبي طالب وأولاده يوم مات أبو طالب، فقال النبي، والحزن يملأ قلبه الشريف:
" يا عم ربيت صغيرا، وكفلت يتيما، ونصرت كبيرا، فجزاك الله عني خيرا " (2) واعتبر رسول الله أن موت أبي طالب مصيبة أصابت الأمة الإسلامية، وسمى العام الذي مات فيه أبو طالب بعام الحزن (3) لقد وقفت عائلة أبي طالب مع النبي ولم تتخل عنه حتى الأم أو زوجة أبي طالب وقفت مع النبي وقفة عز وشرف، فقد كانت بمثابة الأم لرسول الله. الأم الحقيقية أحبت الرسول أكثر من أولادها، وعبر الرسول عن عميق عرفانه لها يوم ماتت فقال: " اليوم ماتت أمي، إنها كانت أمي، إنها كانت لتجيع صبيانها وتشبعني، وتشعثهم وتدهنني، وكانت أمي " (4).
وباختصار كما تفردت عائلة أبي طالب الرجل والمرأة والأولاد بالوقوف مجتمعين مع النبي في أيام المحنة يوم رمى العرب النبي بسهم واحد كذلك انفرد أحفاد أبي طالب وأحفاد المرأة الصالحة زوجته بالوقوف وقفة رجل واحد مع ابن النبي الإمام الحسين يوم رمته الأكثرية الساحقة من الأمة " الإسلامية " بسهم واحد، وهذا شرف لم تنله أية جماعة مسلمة، لقد كان أحفاد أبي طالب الذين وقفوا مع الإمام الحسين جماعة، وكان عددهم عشرين على الأقل، قتل منهم بين يديه

(١) راجع تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٢٧.
(2) المصدر نفسه ج 2 ص 36.
(3) المصدر نفسه ج 2 ص 35.
(4) المصدر نفسه ج 2 ص 14.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327