كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١١٨
القوم حرم الرسول كما تساق الأسارى، حتى إذا بلغوا بهم الكوفة، خرج الناس ينظرون إليهم وجعلوا يبكون ويتوجعون. قال ابن أعثم والخوارزمي: إنه بعد خطبة زينب عليها السلام " رأيت الناس يومئذ حيارى كأنهم سكارى يبكون ويحزنون ويتفجعون وقد وضعوا أيديهم على أفواههم، ونظرت إلى شيخ من أهل الكوفة كان واقفا بجنبي قد بكى حتى اخضلت لحيته بدموعه وهو يقول:
صدقت بأبي وأمي، كهولكم خير الكهول وشبابكم خير الشباب ونساؤكم خير النسوان " (1).
ولما بلغ أهل المدينة أن علي بن الحسين مع عماته وأخواته قد رجعوا إلى المدينة لم يبق في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا وبرزن من خدورهن وهن بين باكية ونائحة، فلم ير يوم أمر على أهل المدينة منه.
وألقى الإمام علي بن الحسين كلمة جاء فيها:
".... أيها الناس أصبحنا مطرودين، مشردين، مذودين، شاسعين، كأنا أولاد ترك أو كابل من غير جرم أجرمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين إن هذا إلا اختلاق، والله لو أن النبي تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية بنا، لما زادوا على ما فعلوه فإنا لله وإنا إليه راجعون ".
فقام إليه صوحان بن صعصعة فاعتذر إليه، فقبل عذره وشكر له وترحم على أبيه (2).
عقاب عاجل لأهل المدينة:
بعد مدة يسيرة من مذبحة كربلاء، جاء دور الذين لم يمنعوا الإمام الحسين ويحموه، والذين خذلوا الحسين وتركوه يخرج وحيدا بأهله، فأرسل إليهم يزيد بن معاوية جيشا بقيادة مسلم بن عقبة الذي اختاره يزيد بناء على نصيحة (رهين الرمس) أبيه معاوية ليأخذ البيعة من أهل المدينة. وبعد أربعة أيام على

(١) تاريخ أعثم الكوفي ج ٥ ص ٢٢١ - ٢٢٦ ومقتل الخوارزمي ج ٢ ص ٤٠ - ٤٢.
(٢) راجع مثير الأحزان ص ٩٠ - ٩٢، واللهوف ص ٧٦ - 77.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327