كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٠٢
للاستيلاء على الخلافة من بعده، وليعيدوا ترتيب الأوراق من جديد، كان النبي على علم بما يجري، ولما مرض أراد أن يوثق توجيهاته النهائية ويكتبها ليجنب الأمة الشر المستطير والعاصفة التي تنتظر موته، وانتبه النفر الذي استخفته الأكثرية، فداهموا بيت النبي وحالوا بينه وبين كتابة وتوثيق توجيهاته النهائية وقالوا له مواجهة: أنت تهجر ولا حاجة لنا بكتابك ولا بوصيتك لأن القرآن عندنا وهو يكفينا (1) ومات النبي الأعظم، كسير الخاطر، واستولت الأكثرية على السلطة ولكن بقيادة رمز من المحسوبين على رسول الله، وعهد الأول للثاني، وعهد الثاني للثالث وفي عهد الخليفة الثالث استولت الأكثرية على السلطة، وصار الخليفة الثالث مجرد واجهة، وقبض الذين كانوا بالأمس من أشد أعداء الله ورسوله على مقاليد الأمور، ثم جاء معاوية، وأنهى حكم الخليفة الرمز، وأعلن وبكل صلف عودة الملك لمعدنه على حد تعبيره فصارت دولة الخلافة تماما بيد الأكثرية التي كانت بالأمس مشركة، وصارت اليوم مسلمة، وعادت القيادة لأبي سفيان وهو الرجل نفسه الذي قاد وأولاده جبهة الشرك طوال 23 سنة، وهكذا استردت الأكثرية كامل مواقعها التي خسرتها أثناء حربها مع الرسول ومات معاوية وانتقلت القيادة لابنه يزيد تماما كما انتقلت القيادة لأبي سفيان من أبيه أمية ولكن بالمراسيم الإسلامية.
هذه النقلات التكتيكية والإيدلوجية المتتابعة ألهمت إعلام دولة الخلافة إلهاما لم يحظ به إعلام من قبل، لقد أفرز إعلام دولة الخلافة من العجائب والغرائب ما لم يفرزه أي إعلام في التاريخ، فإذا كان إعلام دول الكفر كانت له القدرة على تصوير الأسود بصورة الأبيض!! فقد كان لإعلام دولة الخلافة القدرة الكاملة على تصوير الأسود بصورة كل الألوان!! وإظهار الباطل بمظهر الحق،

(١) راجع صحيح البخاري ج ١ ص ٣٧ و ج ٢ ص ١٦ و ج ٤ ص ٣١ و ج ٥ ص ٧٥ و ج ٧ ص ٩ و ج ١١ ص ٩٥ (بشرح النووي)، ومسند الإمام أحمد ج ١ ص ٣٥٥ و ج ٤ ص ٣٥٦ ح ٢٩٩٢، وسر العالمين وكشف ما في الدارين لأبي حامد الغزالي ص ٢١، وتذكرة الخواص لابن الجوزي ص ٦٢، وكتابنا نظرية عدالة الصحابة ص ٢٨٧ وكتابنا المواجهة مع رسول الله وآله ص 306 لتجد عشرات المراجع وتحليلنا العلمي.
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327