حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١١٣
يكون ألا بما ها هنا، ومن أخذ علم ذلك برأيه، وطلب وجوده وادراكه عن نفسه دون غيرها لم يزدد من علم ذلك إلا بعدا لان الله عز وجل جعل علم ذلك خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون.... ".
س 15 - " يا سيدي الا تخبرني عن الابداع أخلق هو أم غير خلق؟.. ".
علق الشيخ الجعفري على هذه المسألة بقوله: إن هذه المسألة أيضا مما أعيى الأذهان والعقول البشرية لأنها التي أوجبت افتراق المسالك والفرق المختلفة فمنهم من قال: باستحالة الابداع مطلقا أكان من الواجب، أم من الممكن، ومن قبيل المواد والصور أو العقول والنفوس وغيرها، ومنهم من جوزه مطلقا، ومنهم من حصر امكان الابداع على الله تعالى على نحو العموم أي انه تعالى قادر على أن يبدع أي موجود شاء دون مادة سابقة له، وقع التغير عليه، وقد قالوا: انه مقتضى قدرته المطلقة وقابلية الموضوع ومنهم من ذهب مذاهب أخرى (1). ج 15 - بل خلق ساكن، لا يدرك بالسكون، وانما صار خلقا لأنه شئ محدث، والله تعالى الذي أحدثه فصار خلقا له، وانما هو الله عز وجل خلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما، فيما خلق الله عز وجل لم يعد أن يكون خلقه، وقد يكون الخلق ساكنا ومتحركا ومختلفا ومؤتلفا ومعلوما ومتشابها، وكل ما وقع عليه حد فهو خلق الله عز وجل واعلم أن كل ما أوجدتك الحواس فهو معنى مدرك للحواس، وكل حاسة تدل عل ما جعل الله عز وجل لها في ادراكها، والفهم من القلب بجميع ذلك كله واعلم أن الواحد الذي هو قائم بغير تقدير ولا تحديد خلق خلقا مقدرا بتحديد وتقدير، وكان الذي خلق خلقين اثنين: التقدير والمقدر، وليس في كل واحد منهما لون ولا وزن، ولا ذوق، فجعل أحدهما يدرك بالآخر وجعلهما مدركين بنفسهما، ولم يخلق شيئا فردا قائما بنفسه دون غيره للذي أراد من الدلالة على نفسه واثبات وجوده فالله تبارك وتعالى فرد واحد لا ثاني معه يقيمه، ولا يعضده، ولا يكنه، والخلق مما يمسك بعضه بعضا بإذن الله تعالى ومشيئته وانما اختلف الناس في هذا الباب حتى تاهوا وتحيروا وطلبوا الخلاص من الظلمة بالظلمة في وصفهم الله تعالى بصفة أنفسهم، فازدادوا من الحق بعدا، ولو وصفوا الله عز وجل بصفاته،

(١) تحف العقول (ص 527).
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست