النداء الفظيع:
يا لهول المصاب، يا لروعة الخطب، لقد انتهك السندي جميع حرمات الاسلام، فقد أمر الجلادين أن ينادوا على الجثمان المقدس بنداء مؤلم، فبدل أن ينادوا بالحضور لجنازة الطيب ابن الطيب أمرهم أن ينادوا بعكس ذلك، وانطلق العبيد والأنذال يجوبون في شوارع بغداد رافعين أصواتهم بذلك النداء القذر، وأمرهم ثانيا أن ينادوا بنداء آخر:
" هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت فانظروا إليه ميتا.. " (1).
قيام سليمان بتجهيز الامام:
وكان سليمان مطلا على نهر دجلة في قصره، فرأى الشرطة وقطعات من الجيش تجوب في الشوارع، والناس مضطربة، فزعة، فهاله ذلك، فالتفت إلى ولده وغلمانه قائلا:
" ما الخبر؟؟ ".
فقالوا له:
" هذا السندي بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر... ".
وأخبروه بندائه الفظيع، فخاف سليمان من حدث الفتنة وانفجار الوضع بما لا تحمد عقباه، وصاح بولده:
" انزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم، فان مانعوكم فاضربوهم وخرقوا ما عليهم من سواد - وهو لباس الشرطة والجيش - " (2).
وانطلق أبناء سليمان مسرعين ومعهم غلمانهم وحراسهم إلى الشرطة، فأخذوا الجثمان المقدس من أيديهم، ولم تبد الشرطة أيه مقاومة معهم، فسليمان عم الخليفة وأهم شخصية لامعة في الأسرة العباسية.
وحمل جثمان الامام إلى سليمان فأمر أن ينادي في شوارع بغداد بنداء معاكس لنداء السندي، وانطلق المنادون رافعين أصواتهم بهذا النداء:
" ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب ابن الطيب موسى بن جعفر فليحضر ".