حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٩٠
امر باحضار كاتبه، ويعرف اليوم بكاتب الضبط، فأخذ في تسجيل أسمائهم ومنازلهم واعمالهم وصفاتهم وبعد انتهائه من الضبط أخبر السندي بذلك فخرج من محله، والتفت إلى عمرو فقال له: قم يا أبا حفص فاكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر، فكشف عمرو الثوب عن وجه الامام، والتفت السندي إلى الجماعة، فقال لهم: انظروا إليه، فدنا واحد منهم بعد واحد، فنظروا إليه جميعا ثم قال لهم:
" تشهدون كلكم أن هذا موسى بن جعفر؟.. ".
" نعم ".
ثم أمر غلامه بتجريد الامام من ملابسه، ففعل الغلام ذلك، ثم التفت إلى القوم فقال لهم:
" أترون به أثرا تنكرونه؟.. " فقالوا: " لا ".
ثم سجل شهادتهم وانصرفوا (1). كما استدعى فقهاء بغداد ووجوهها، وفيهم الهيثم بن عدي فسجل شهادتهم بان الامام مات حتف أنفه (2) وفعل هارون مثل ذلك من الاجراءات والسبب في ذلك تنزيهه من اقتراف الجريمة، ونفي المسؤولية عنه.
وضعه على الجسر:
ووضع جثمان الامام سليل النبوة على جسر الرصافة ينظر إليه القريب والبعيد، وتتفرج عليه المارة، وقد احتفت به الشرطة، وكشفت وجهه للناس، وقد حاول الطاغية بذلك اذلال الشيعة والاستهانة بمقدساتها وكان هذا الاجراء من أقسى ألوان المحن التي عانتها الشيعة فقد كوى بذلك قلوبهم وعواطفهم يقول الشيخ محمد ملة:
من مبلغ الاسلام أن زعيمه * قد مات في السجن الرشيد سميما فالغي بات بموته طرب الحشا * وغدا لمأتمه الرشاد مقيما ملقى على جسر الرصافة نعشه * فيه الملائك احدقوا تعظيما وقال الخطيب المفوه الشيخ محمد علي اليعقوبي:
مثل موسى يرمى على الجسر ميتا * لم يشيعه للقبور موحد حملوه وللحديد برجليه هزيج * له الأهاضيب تنهد (3)

(1) حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 519.
(2) حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 519.
(3) حياة الإمام موسى بن جعفر 2 / 521.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست