والمجانين، وكلمته البهائم والطير والجن والشياطين، ولم نتخذه ربا من دون الله، ولم ننكر لاحد من هؤلاء فضلهم فان اتخذتم عيسى ربا جاز لكم ان تتخذوا اليسع وحزقيل ربين، لأنهما قد صنعا مثل ما صنع عيسى بن مريم، من احياء الموتى وغيره، ثم إن قوما من بني إسرائيل خرجوا من بلادهم من الطاعون وهم ألوف حذر الموت، فأماتهم الله في ساعة واحدة، فعمد أهل القرية فحظروا عليهم حظيرة، فلم يزالوا فيها حتى نخرت عظامهم، وصاروا رميما، فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل فتعجب منهم، ومن كثرة العظام البالية، فأوحى الله أتحب ان أحييهم لك فتنذرهم؟
قال: نعم.
فأوحى الله أن نادهم، فقال أيتها العظام البالية قومي بإذن الله، فقاموا احياء أجمعين ينفضون التراب عن رؤوسهم، ثم إبراهيم خليل الله حين اتخذ الطير فقطعهن قطعا، ثم وضع على كل جبل منهم جزءا ثم ناداهن فأقبلن سعيا إليه، ثم موسى بن عمران وأصحابه السبعون الذين اختارهم، صاروا معه إلى الجبل، فقالوا له: إنك قد رأيت الله فأرناه.
فقال لهم: إني لم أره.
فقالوا: لن نؤمن حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة فاحترقوا عن آخرهم، فبقي موسى وحيدا.
فقال: يا رب! اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم، فارجع أنا وحدي، فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به فلو شئت أهلكتهم من قبل وإياي، أفتهلكنا بما فعل السفهاء منها؟
فأحياهم الله عز وجل من بعد موتهم، وكل شئ ذكرته لك من هذا لا تقدر على دفعه، لان التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قد نطقت به، فان كان كل من أحيى الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص والمجانين يتخذ ربا من دون الله، فاتخذ هؤلاء كلهم أربابا، ما تقول يا نصراني؟ ".
لقد نعى الإمام (عليه السلام) على النصارى اتخاذهم السيد المسيح ربا من دون الله لأنه أحيى الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص فقد جرت أمثال هذه المعاجز إلى سيد الأنبياء الرسول (صلى الله عليه وآله) وبعض الأنبياء العظام، ولم يتخذوا أربابا يعبدون من دون الله تعالى.
وانبرى الجاثليق فخاطب الامام بعد ما سمع منه هذه الكلمات المشرقة فقال: