حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٣٠
باءت بالفشل محاولة المأمون الذي أراد تعجيز الامام ولو بمسألة واحدة ليتخذ منها وسيلة للطعن في معتقدات الشيعة بالامام، وقد علق الشيخ الصدوق نضر الله مثواه على هذه المناظرة بقوله:
كان المأمون يجلب على الرضا من متكلمي الفرق والأهواء المضلة كل من سمع به حرصا على انقطاعه عن الحجة مع واحد منهم، وذلك حسدا منه له، ولمنزلته من العلم، فكان لا يكلمه أحد إلا أقر له بالفضل وألزم الحجة له عليه، لان الله تعالى ذكره يأبى إلا أن يعلي كلمته، ويتم نوره، وينضر حجته، وهكذا وعد تبارك وتعالى في كتابه فقال: (إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا) (1) يعني بالذين آمنوا الأئمة الهداة، واتباعهم العارفين بهم، والآخذين عنهم بنصرهم بالحجة على مخالفيهم ما داموا في الدنيا، وكذلك يفعل بهم في الآخرة وان الله عز وجل لا يخلف الميعاد " (2).
مناظرة أبي قرة للامام:
وتصدى الإمام الرضا (عليه السلام) لتزييف الشبه وإبطالها، التي أثيرت حول العقيدة الاسلامية، وقد قصد أبو قرة خراسان؟؟ لامتحان الإمام (عليه السلام)، وطلب من صفوان بن يحيى وهو من خواص الامام أن يستأذن منه للدخول عليه، فأذن الامام له، فلما تشرف بالمثول أمامه سأله عن أشياء من الحلال والحرام، والفرائض والاحكام فأجابه عنها، ثم سأله عن بعض قضايا التوحيد وهي:
س 1 - " أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى؟... ".
ج 1 - الله أعلم بأي كلمه بالسريانية أم بالعبرانية... ".
وأخرج أبو قرة لسانه، وقال: إنما أسألك عن هذا اللسان ومعنى ذلك أنه هل كلمه بلسان كلسان الانسان؟ فرد الامام عليه ذلك بقوله:
" سبحان الله عما تقول: ومعاذ الله أن يشبه خلقه أو يتكلم بمثل ما هم متكلمون، ولكنه تبارك وتعالى ليس كمثله شئ، ولا كمثله قائل ولا فاعل... ".
وانبرى أبو قرة قائلا:
" كيف ذلك؟.... ".

(1) سورة المؤمن / آية 51.
(2) عيون أخبار الرضا 1 / 182 - 191.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست