مكتظا بالطالبيين والهاشميين، وقادة الجيش والعلماء، من مسلمين وغيرهم، وقام المأمون وجميع من في المجلس تكريما وتعظيما للامام، وجلس الامام، والناس وقوف احتراما له، فأمرهم المأمون بالجلوس، وبعدما استقر المجلس بالامام التفت المأمون إلى الجاثليق، فقال له:
" يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى بن جعفر، وهو من ولد فاطمة بنت نبينا (صلى الله عليه وآله)، وابن علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأحب أن تكلمه وتحاجه، وتنصفه... ".
وانبرى الجاثليق قائلا:
" يا أمير المؤمنين، كيف أحاج رجلا يحاج علي بكتاب أنا منكره ونبي لا أو من به... ".
لقد حسب الجاثليق أن الإمام (عليه السلام) يستدل على ما يذهب إليه بآيات من القرآن الكريم، أو بكلمات من الرسول (صلى الله عليه وآله)، وهو لا يؤمن بذلك، وانما يبغي دليلا وبرهانا من كتبهم، ورد الامام عليه مقالته:
" يا نصراني فان احتججت عليك بإنجيلك أتقر به؟... ".
وسارع الجاثليق قائلا:
" هل أقدر على دفع ما نطق به الإنجيل، نعم والله أقربه... ".
" سل عما بدا لك، واسمع الجواب.. ".
س 1 - " ما تقول في نبوة عيسى، وكتابه هل تنكر منهما شيئا؟.. ".
ج 1 - أنا مقر بنبوة عيسى وكتابه، وما بشر به أمته، وأقرت به الحواريون، وكافر بنبوة عيسى لم يقر بنبوة محمد وكتابه، ولم يبشر به أمته... ".
وسارع الجاثليق قائلا:
" أليس انما تقطع الاحكام بشاهدي عدل؟... ".
" بلى... ".
" فأقم شاهدين من غير أهل ملتك على نبوة محمد ممن لا تنكره النصرانية، وسلنا مثل ذلك من غير أهل ملتنا... ".
وصدق الامام مقالته، فقد جاء بالنصف قائلا:
" الآن جئت بالنصفة، الا تقبل مني العدل، والمقدم عند المسيح بن مريم؟... ".