حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٢٢
صفات الممكن، ومستحيلة عليه.... ولم يستطع سليمان أن يقول شيئا، وراح يناقض نفسه فقال:
" ليست - أي الإرادة - بفعل.. ".
وقد اعترف سليمان سابقا بأنها فعل، والتفت إليه الامام فقال:
" فمعه - أي مع الله - غيره لم يزل؟... ".
وراوغ سليمان، ولم يجب الامام عن سؤاله، وقال:
" الإرادة هي الانشاء... ".
فأجابه الامام:
" هذا الذي عبتموه على ضرار (1) وأصحابه من قولهم: إن كل ما خلق الله عز وجل في سماء أو أرض أو بحر أو بر من كلب، أو خنزير، أو قرد، أو انسان، أو دابة، إرادة الله، وان إرادة الله تحيى، وتموت، وتذهب، وتأكل وتشرب، وتنكح، وتلذ، وتظلم، وتفعل الفواحش، وتكفر، وتشرك، فيبر أ منها، ويعاد بها وهذا حدها ".
عرض الإمام (عليه السلام) إلى الآراء الفاسد ة التي التزم بها ضرار والتي عابها على سليمان وأصحابه فان هذه اللوازم الفاسدة كلها ترد على سليمان إلا أنه لم يع مقالة الامام، وراح يقول:
" إنها - أي الإرادة - كالسمع والبصر والعلم... ".
لقد كرر سليمان ما قاله سابقا من أن الإرادة كالسمع والبصر وقد أبطل الامام ذلك، فقال (عليه السلام) له:
" أخبرني عن السمع والبصر والعلم أمصنوع؟... ".
" لا... ".
وانبرى الامام يدله على تناقض كلامه قائلا:
" فكيف نفيتموه؟ قلتم لم يرد، ومرة قلتم: أراد، وليست - أي الإرادة - بمفعول له.. ".
وراح سليمان يتخبط عشواء فقال:
" انما ذلك كقولنا: مرة علم، ومرة لم يعلم... ".
فأجابه الامام ببالغ الحجة قائلا:

(1) ضرار من شيوخ المعتزلة في علم الكلام، وهو من الأباضية.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست