أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٤٠٩
والمدبر لأقبل، والمسالم لحارب، والفار لكر، والمتزلزل لاستقر.
فلما قدمت على معاوية، قال لها: هل تعلمين لم بعثت إليك؟
قالت: لا يعلم الغيب الا الله سبحانه وتعالى.
قال: ألست الراكبة الجمل الأحمر يوم صفين، وأنت بين الصفوف توقدين نار الحرب، وتحرضين على القتال؟
قالت: نعم. قال: فما حملك على ذلك؟
قالت: يا أمير المؤمنين، انه قد مات الرأس، وبتر الذنب، ولن يعود ما ذهب، والدهر ذو غير، ومن تفكر أبصر، والأمر يحدث بعده الأمر.
قال: صدقت، فهل تعرفين كلامك وتحفظين ما قلت؟
قالت: لا والله، ولقد أنسيته.
قال: لله أبوك، فلقد سمعتك تقولين أيها الناس، ارعوا وارجعوا، انكم أصبحتم في فتنة، غشتكم جلابيب الظلم، وجارت بكم عن قصد المحجة، فيا لها فتنة عمياء صماء بكماء، لا تسمع لناعقها ولا تسلس لقائدها. ان المصباح لا يضئ في الشمس، وان الكواكب لا تنير مع القمر، وان البغل لا يسبق الفرس، ولا يقطع الحديد الا بالحديد، ألا من استرشد أرشدناه، ومن سألنا أخبرناه.
أيها الناس: ان الحق كان يطلب ضالته فأصابها، فصبرا يا معشر المهاجرين والأنصار على الغصص، فكأنكم وقد التأم شمل الشتات، وظهرت كلمة العدل، وغلب الحق باطله، فإنه لا يستوي المحق والمبطل. أفمن
(٤٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 414 ... » »»