أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٣٠١
فإذا ما أغفل المؤمن عبادة ربه نساه، وتلاشت في نفسه قيم الايمان ومفاهيمه، وغدا عرضة للإغواء والضلال. فالعقيدة هي الدوحة الباسقة التي يستظل المسلمون في ظلالها الوارفة الندية، والعبادة هي التي تصونها وتمدها بعوامل النمو والازهار.
والعبادة بعد هذا من أكبر العوامل على التعديل والموازنة، بين القوى المادية والروحية، التي تتجاذب الانسان وتصطرع في نفسه ولا تتسنى له السعادة والهناء إلا بتعادلها. ذلك، أن طغيان القوى المادية واستفحالها يسترق الانسان بزخرفها وسلطانها الخادع، وتجعله ميالا إلى الأثرة والأنانية، واقتراف الشرور والآثام، في تحقيق أطماعه المادية.
فلا مناص - والحالة هذه - من تخفيف جماح المادة والحد من ضراوتها، وذلك عن طريق تعزيز الجانب الروحي في الانسان، وإمداده بطاقات روحية، تعصمه من الشرور وتوجهه وجهة الخير والصلاح. وهذا ما تحققه العبادة باشعاعاتها الروحية، وتذكيرها المتواصل بالله تعالى، والدأب على طاعته وطلب رضاه.
والعبادة بعد هذا وذاك: اختبار للمؤمن واستجلاء لأبعاد إيمانه. فالايمان سر قلبي مكنون، لا يتبين إلا بما يتعاطاه المؤمن من ضروب الشعائر والعبادات، الكاشف عن مبلغ إيمانه وطاعته لله تعالى.
وحيث كانت العبادة تتطلب عناءا وجهدا، كان أداؤها والحفاظ عليها دليلا على قوة الايمان ورسوخه، واغفالها دليلا على ضعفه وتسيبه.
فالصلاة.. كبيرة إلا على الخاشعين. والصيام.. كف النفس عن لذائذ الطعام والشراب والجنس. والحج.. يتطلب البذل والمعاناة
(٣٠١)
مفاتيح البحث: الطعام (1)، الحج (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»