إلى أوج رفيع، تنحط دونه الهمم والآمال في الثبات على المبدأ والتمسك بالحق، رغم حراجة الموقف، ومعاناة أفدح الخطوب والأهوال.
وقف الحسين عليه السلام يوم عاشوراء، وقد أحاط به ثلاثون ألف مقاتل، يبغون إذلاله وقتله، فصرخ في وجوههم صرخته المدوية، وأعلن عن إبائه وشموخه بكلماته الخالدة المجلجلة في مسمع الدهر، والتي لا تزال دستورا حيا يقدسه الأباة والأحرار:
ألا وإن الدعي ابن الدعي، قد ركز بين اثنتين، بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله ذلك لنا ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت وطهرت، وأنوف حمية، ونفوس أبية، من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.
ويؤكد الحسين عليه السلام ثباته على المبدأ مؤثرا في سبيله القتل والفداء على الحياة الخانعة الذليلة والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقر لكم إقرار العبيد.
إني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا برما.
وهكذا اقتفى أصحاب الحسين عليهم السلام نهجه ومثاليته في الصمود والثبات على المبدأ، ومفاداته بأعز النفوس والأرواح. خطبهم الحسين عليه السلام خطبة ملؤها الحب والاعجاب والاشفاق:
أما بعد فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي، ولا أهل بيت أبر ولا أوصل ولا أفضل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني خيرا، ألا وإني لأظن يوما لنا من هؤلاء الأعداء، ألا وإني قد أذنت لكم