وهذا الترابط الاجتماعي، أو المجتمع المترابط، لابد له من دستور ينظم حياته، ويوثق أواصره، ويحقق العدل الاجتماعي في ظلاله، بما يرسمه من حقوق وواجبات، فردية واجتماعية، تضمن صالح المجتمع، وتصون حقوقه وحرماته المقدسة.
وبذلك يغدو المجتمع زاهرا، سعيدا بالوئام والسلام، والخير والجمال. وباغفال ذلك يغدو المجتمع بائسا شقيا، تسوده الفوضى، ويشيع فيه التسيب، وتنخر في كيانه عوامل التخلف والانهيار.
وقد حوت الشريعة الاسلامية - فيما حوته من ضروب المعجزات الاصلاحية - انها جاءت بدستور أخلاقي هادف بناء، ينظم حياة الفرد وحياة المجتمع أفضل وأكمل تنظيم، بما يرسم له من حقوق وآداب اجتماعية في مختلف الحقول والمجالات، ما يحقق للمسلمين مفاهيم السلام والرخاء، ويكفل إسعادهم أدبيا وماديا.
من أجل ذلك كان لزاما على المسلم أن يستلهم ذلك الدستور، ويعرف ماله وعليه من الواجبات والحقوق، ويعنى بتطبيقه والسير على هداه، ليكون مثلا رفيعا في جمال السيرة وحسن السلوك، ورعاية حقوق من ينتسب إليهم، ويرتبط بهم من صنوف الروابط والصلات الاجتماعية، وليحقق بذلك ما يهفو إليه من توقير وحب وثناء.
وهذا ما حداني إلى وضع هذا الكتاب، الذي خططته ورسمت مفاهيمه على ضوء القرآن الكريم، وأخلاق أهل البيت عليهم السلام ووصاياهم الحكيمة الجليلة. وعرضت فيه طائفة من أهم الحقوق، وأبلغها أثرا في حياة الفرد