أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ٢٨٥
وهكذا سرت مثالية الإمام عليه السلام إلى الصفوة المختارة من أصحابه وحواريه، فكانوا نماذج فذة، وأنماطا فريدة في الثبات على المبدأ والتمسك بالحق، والذود عنه، رغم معاناتها ضروب الارهاب والتنكيل.
وقد ازدانت أسفار السير بطرائف أمجادهم، وطيب ذكراهم، مما خلدت مآثرهم عبر القرون والأجيال، واليك طرفا منها:
قال الحجاج بن يوسف الثقفي ذات يوم: أحب أن أصيب رجلا من أصحاب أبي تراب فأتقرب إلى الله بدمه. فقيل له: ما نعلم أحدا كان أطول صحبة لأبي تراب من قنبر مولاه.
فبعث في طلبه فأتي به، فقال له: أنت قنبر؟ قال: نعم. قال: أبو همدان. قال: نعم.
قال: مولى علي بن أبي طالب. قال: الله مولاي وأمير المؤمنين علي ولي نعمتي.
قال: إبرأ من دينه، قال: فإذا برئت من دينه تدلني على دين غيره أفضل منه. قال: إني قاتلك، فاختر أي قتلة أحب إليك. قال: صيرت ذلك إليك. قال: ولم؟ قال: لأنك لا تقتلني قتلة إلا قتلتك مثلها، وقد أخبرني أمير المؤمنين أن منيتي تكون ذبحا، ظلما بغير حق.
قال: فأمر به فذبح (1).
وروي أن معاوية أرسل إلى أبي الأسود الدئلي هدية منها حلواء. يريد بذلك استمالته وصرفه عن حب علي بن أبي طالب، فدخلت ابنة صغيرة له فأخذت لقمة من تلك الحلواء وجعلتها في فمها، فقال لها أبو

(1) البحار م 9 ص 630.
(٢٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 ... » »»