كان صلى الله عليه وآله كلما اكفهرت في وجهه أعاصير المحن، وتألبت عليه قوى الكفر والطغيان إزداد صمودا ومضيا على نشر رسالته، ضاربا في سبيل ذلك أرفع الأمثال لو وضعت الشمس في يميني، والقمر في يساري ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله، أو أهلك في طلبه.
وبهذا الصمود والشموخ انهارت قوى الشرك، واستسلمت صاغرة للنبي صلى الله عليه وآله.
وكان أمير المؤمنين علي عليه السلام على سر رسول الله صلى الله عليه وآله، ومثاليته في الثبات على المبدأ والاعتصام به، عرضت عليه الخلافة مشروطة بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين، فأبى معتدا بمبدئه السامي، ورأيه الأصيل قائلا بل على كتاب الله، وسنة رسوله، واجتهاد رأيي.
وألح عليه نفر من خاصته ومواليه أن يستميل من أغوتهم زخارف الأطماع فسئموا عدل الامام ومساواته، واستهواهم إغراء معاوية ونواله الرخيص يا أمير المؤمنين، إعط هذه الأموال، وفضل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، ومن تخاف عليه من الناس فراره إلى معاوية.
فقال عليه السلام لهم وهو يعرب عن ثباته، وتمسكه بدستور الاسلام، وترفعه عن الوسائل الاستغلالية الآثمة: أتأمروني أن أطلب النصر بالجور؟! لا والله ما أفعل ما طلعت شمس ولاح في السماء نجم، والله لو كان مالهم لي لواسيت بينهم، وكيف وانما هي أموالهم.