قال: فلا يغرنك ملك قيمته شربة ماء (1).
فجدير بالعاقل أن يدرك أن جميع ما يزهو به، ويدفعه على الغرور من مال، أو علم، أو جاه، ونفوذ، إنما هي نعم وألطاف إلهية أسداها المنعم الأعظم، فهي أحرى بالحمد، وأجدر بالشكر، منها بالغرور والخيلاء.
الجاه بين المدح والذم:
ليس طلب الجاه مذموما على الاطلاق، وإنما هو مختلف باختلاف الغايات والأهداف، فمن طلبه لغاية مشروعة، وهدف سام نبيل، كنصرة المظلوم، وعون الضعيف، ودفع المظالم عن نفسه أو غيره، فهو الجاه المحبب المحمود.
ومن توخاه للتسلط على الناس، والتعالي عليهم، والتحكم بهم، فذلك هو الجاه الرخيص الذميم.
وقد تلتبس الغايات أحيانا في بعض صور الجاه، كالتصدي لامامة الجماعة، وممارسة توجيه الناس وإرشادهم، وتسنم المراكز الروحية الهامة.
فتتميز الغايات آنذاك بما يتصف به ذووها من حسن الاخلاص، وسمو الغاية، وحب الخير للناس، أو يتسمون بالأنانية، والانتهازية، وهذا من صور الغرور الخادعة، أعاذنا الله منها جميعا.