غضبه وافتراسه.
وقد زخر التاريخ بصنوف العبر والعظات الدالة على ذلك:
ومنها: ما ذكره عبد الله بن عبد الرحمن صاحب الصلاة بالكوفة، قال: دخلت إلى أمي في يوم أضحى، فرأيت عندها عجوزا في أطمار رثة، وذلك في سنة 190، فإذا لها لسان وبيان، فقلت لأمي: من هذه؟ قالت: خالتك عباية أم جعفر بن يحيى البرمكي. فسلمت عليها، وتحفيت بها، وقلت: أصارك الدهر إلى ما أرى؟!
فقالت: نعم يا بني، إنا كنا في عواري ارتجعها الدهر منا. فقلت: فحدثيني ببعض شأنك.
فقالت: خذه جملة، لقد مضى علي أضحى، وعلى رأسي أربعمائة وصيفة، وأنا أزعم أن ابني عاق، وقد جئتك اليوم أطلب جلدتي شاة، اجعل إحداهما شعارا، والأخرى دثارا.
قال فرفقت لها، ووهبت لها دراهم، فكادت تموت فرحا (1).
ودخل بعض الوعاظ على الرشيد، فقال: عظني، فقال له: أتراك لو منعت شربة من ماء عند عطشك، بم كنت تشتريها؟ قال: بنصف ملكي.
قال: أتراها لو حبست عند خروجها بم كنت تشتريها؟ قال: بالنصف الباقي.