أهل الدنيا في آخرتهم، سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت، وأكلوها بأفضل ما أكلت، فحظوا من الدنيا بما حظى به المترفون، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبرون، ثم انقلبوا عنها بالزاد المبلغ والمتجر الرابح (1).
2 - إن التوفر على مقتنيات الحياة ونفائسها ورغائبها، هو كالأول مستحسن محمود، إلا ما كان مختلسا من حرام، أو صارفا عن ذكر الله تعالى وطاعته.
أما اكتسابها استعفافا عن الناس، أو تذرعا بها إلى مرضاة الله عز وجل كصلة الأرحام، وإعانة البؤساء، وإنشاء المشاريع الخيرية كالمساجد والمدارس والمستشفيات، فإنه من أفضل الطاعات وأعظم القربات، كما صرح بذلك أهل البيت عليهم السلام:
قال الصادق عليه السلام: لا خير فيمن لا يجمع المال من حلال، يكف به وجهه، ويقضي به دينه، ويصل به رحمه (2).
وقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام: والله إنا لنطلب الدنيا ونحب أن نؤتاها.
فقال: تحب أن تصنع بها ماذا؟ قال: أعود بها على نفسي وعيالي، وأصل بها، وأتصدق بها، وأحج، وأعتمر. فقال أبو عبد الله: ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة (3).