(ب) غرور العلم ومن صور الغرور ومفاتنه، الاغترار بالعلم، واتساع المعارف، مما يثير في بعض الفضلاء الزهو والتيه، والتنافس البشع على الجاه، والتهالك على الأطماع، ونحوها من الخلال المقيتة، التي لا تليق بالجهال فضلا عن العلماء.
وربما أفرط بعضهم في الزهو والغرور، فجن بجنون العظمة، والتطاول على الناس بالكبر والازدراء.
وفات المغترين بالعلم أن العلم ليس غاية في نفسه، وإنما هو وسيلة لتهذيب الانسان وتكامله، وإسعاده في الحياتين الدنيوية والأخروية، فإذا لم يحقق العلم تلك الغايات السامية، كان جهدا ضائعا، وعناءا مرهقا، وغرورا خادعا: مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا (الجمعة: 5).
وقد أحسن الشاعر حيث يقول:
ولو أن أهل العلم صانوه صانهم * ولو عظموه في النفوس لعظما ولكن أهانوه فهان وجهموا * محياه بالأطماع حتى تجهما فالعلم كالغيث ينهل على الأرض الطيبة، فيحيلها جنانا وارفة،