وأشرفت على الغرق، أما كانت غاية مطلوبك النجاة، وإن يفوتك كل ما بيدك. قال: نعم.
قال: ولو كنت ملكا على الدنيا، وأحاط بك من يريد قتلك، أما كان مرادك النجاة من يده، ولو ذهب جميع ما تملك. قال: نعم.
قال: فأنت ذلك الغني الآن، وأنت ذلك الملك، فتسلى الرجل بكلامه.
وقال بعض العارفين لرجل من الأغنياء: كيف طلبك للدنيا؟ فقال: شديد. قال: فهل أدركت منها ما تريد؟ قال: لا. قال: هذه التي صرفت عمرك في طلبها لم تحصل منها على ما تريد فكيف التي لم تطلبها!!
ولا ريب أن تلك العظات لا تنجع إلا في القلوب السليمة، والعقول الواعية، أما الذين استرقتهم الحياة، وطبعت على قلوبهم، فلا يجديهم أبلغ المواعظ، كما قال بعض العارفين: إذا أشرب القلب حب الدنيا لم تنجع فيه كثرة المواعظ، كما أن الجسد إذا استحكم فيه الداء، لم ينجع فيه كثرة الدواء.