أخلاق أهل البيت (ع) - السيد محمد مهدي الصدر - الصفحة ١٩٩
3 - إن حب البقاء في الدنيا ليس مذموما مطلقا، وإنما يختلف بالغايات والأهداف، فمن أحبه لغاية سامية، كالتزود من الطاعة، واستكثار الحسنات، فهو مستحسن. ومن أحبه لغاية دنيئة، كممارسة الآثام، واقتراف الشهوات، فذلك ذميم مقيت، كما قال زين العابدين عليه السلام: عمرني ما كان عمري بذلة في طاعتك، فإذا كان عمري مرتعا للشيطان فاقبضني إليك.
ونستخلص مما أسلفناه أن الدنيا المذمومة هي التي تخدع الانسان، وتصرفه عن طاعة الله والتأهب للحياة الأخروية.
ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا * وأقبح الكفر والافلاس في الرجل مساوئ الاغترار بالدنيا:
1 - من أبرز مساوئ الغرور أنه يلقي حجابا حاجزا بين العقل وواقع الانسان، فلا يتبين آنذاك نقائصه ومساويه، منجشع، وحرص، وتكالب على الحياة، مما يسبب نقصه وذمه.
2 - إن الغرور يشقي أربابه، ويدفعهم إلى معاناة الحياة، ومصارعتها، دون اقتناع بالكفاف، أو نظر لزوالها المحتوم، مما يظنيهم ويشقيهم، كما صوره الخبر الآنف الذكر: مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القز، كلما ازدادت على نفسها لفا، كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما.
3 - والغرور بعد هذا وذاك، من أقوى الصوارف والملهيات عن
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»