فقد أثبتها الأنبياء والأوصياء عليهم السلام والعلماء، وكثير من الأمم البدائية الأولى، وأيقنوا بها يقينا لا يخالجه الشك، فارتياب المغرورين بالآخرة والحالة هذه، هوس يستنكره الدين والعقل.
ألا ترى كيف يؤمن المريض بنجع الدواء الذي أجمع عليه الأطباء، وإن كذبهم فصبي غر أو مغفل بليد.
وبعد أن عرفت فساد ذينك الزعمين وبطلانهما، فاعلم أنه لم يصور واقع الدنيا، ويعرض خدعها وأمانيها المغررة كما صورها القرآن الكريم، وعرفها أهل البيت عليهم السلام، فإذا هي برق خلب وسراب خادع.
أنظر كيف يصور القرآن واقع الدنيا وغرورها، فيقول تعالى:
إنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم، وتكاثر في الأموال والأولاد، كمثل غيث أعجب الكفار نباته، ثم يهيج فتراه مصفرا، ثم يكون حطاما، وفي الآخرة عذاب شديد (الحديد: 20) وقال تعالى: إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء، فاختلط به نبات الأرض، مما يأكل الناس والأنعام، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها، وازينت، وظن أهلها أنهم قادرون عليها، أتاها أمرنا ليلا أو نهارا، فجعلناها حصيدا، كأن لم تغن بالأمس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون (يونس: 24) وقال عز وجل: فأما من طغى، وآثر الحياة الدنيا، فان الجحيم هي المأوى، وأما من خاف مقام ربه، ونهى النفس عن الهوى، فان الجنة هي المأوى (النازعات: 37 - 41) وقال الصادق عليه السلام: ما ذئبان ضاريان في غنم قد فارقها