(وأقدرهم) على سلوك هذا الطريق هو الإمام الشافعي رحمه الله لما له من المعرفة بأساليب الكلام واقتداره على التوجيه والتورية بلفظ محتمل لمعنيين أو معان ألا ترى أنه حين كتب وصيته قال: فيها ما لفظه وأفضل الخلق بعده صلى الله عليه وآله الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي (عطف بعضهم على بعض بالواو والعطف به لا يقتضي ترتيبا فيحتمل أن يكون له قول في الترتيب يخالف ما عليه الجمهور) ثم قال أتولاهم واستغفر لهم ولأهل الجمل وصفين عطف على توليهم رضي الله عنهم الاستغفار لهم ليكون عطفه أهل الجمل وصفين عليهم في الاستغفار لهم حيث أعاد العاطف ولام التعدية لا في التولي إذ لفظ التولي متعد بنفسه وهذا من لطيف إشاراته رحمه الله.
ومنها ما ذكره شارح المواقف وغيره أنه رحمه الله سئل عن قتلى أهل الجمل وصفين فقال تلك دماء طهر الله منها سيوفنا فلا نضمخ بها ألسنتنا أراد رحمه الله دماء أصحاب علي عليه السلام كدم عمار وإخوانه الذين قاتلوا معاوية على تأويل القرآن كما قاتلوهم أولا على تنزيله ولا يمكن ن الشافعي رحمه الله على جلالة قدره يريد دماء أصحابه معاوية الذين يعتقد هو كغيره إن قتلهم من أعظم القربات المأمور بها في كتاب الله تعالى أفيظن أحد أنه يعتقد أن الله طهر سيفه من دم أول ما تضمخ به سيف أخي النبي المصطفى ووصيه لا والله ولكن من لا خبرة له بأساليب الكلام ومن كان من أهل الأغراض يفسره بحمله على دماء الكل وحاشى الإمام الشافعي رحمه الله من ذلك ومن فسره بذلك فقد افترى عليه كيف وهو رحمه الله القائل.
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم * مذاهبهم في أبحر الغي والجهل ركبت على اسم الله في سفن النجا * وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم * كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل