النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٣٤
من يقول سلوني غيره وهو الذي قال عمر فيه أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن وهو الذي لم ينقل إنه استفتى أحدا في مسألة دينية مع كثرة رجوع الصحابة إليه في المشكلات على أن خطبه ومواعظه وكلامه في العلوم الإلهية بحر زاخر لا يقارب فيه ولا يدانى.
استدلوا على إنكار تلك الأعلمية الباهرة بآثار يدل مجموعها على أن لأبي بكر رضي الله عنه حظ عظيم من العلم وهو والله كذلك ولكن لا يدل شئ منها على أنه أعلم من علي كرم الله وجهه كما يدعون.
أنكر معظمهم أيضا أشجعيته كرم الله وجهه التي ضربت بها الأمثال ونقلت الرواة من أخبار وقائعه وخوضه معامع الحروب ومقارعته الأبطال مع رسول الله صلى الله عليه وآله وبعده ما شحنت به التواريخ وامتلأت به الكتب وعلمه الخاص والعام وأقربه العدو والصديق.
قالوا إن أبا بكر رضي الله عنه أشجع منه واستدلوا على قولهم بمثل تصميمه رضي الله عنه على قتال أهل الردة ولو وحده وبقوله يوم الحديبية لسهيل بن عمرو امصص بظر اللات وبدفاعه عن النبي صلى الله عليه وآله في حرم مكة حين آذته قريش وأمثال هذا وهذه لعمري دالة على شجاعة عظيمة في أبي بكر رضي الله عنه لكنها لا تماثل شجاعة علي كرم الله وجهه فضلا عن أن تفضلها ولا ينقص من مقداره رضي الله أن يكون علي أشجع منه.
إننا أهل السنة بهذه الدعوى صرنا هزؤا لدى الشيعة بل وعند المطلعين من أهل الملل الأخرى على وقائع التأريخ وماجرياته وليسوا بملومين ومكابرة من يكابر في مثل هذا محض تعصب لا يرتاب فيه ذو تمييز.
رأيت في غير واحد من كتب السير المتداولة بيننا ما صورته حرفيا قالوا: ومما استدل به على أن أبا بكر أشجع من علي أن عليا أخبره النبي صلى الله عليه وآله أنه لا يقتله إلا ابن ملجم فكان إذا دخل الحرب
(٢٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 ... » »»