النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٢٣١
أئمة أهل البيت ومن الصحابة رضوان الله عليهم كالمقداد وزيد بن أرقم وسلمان وأبي ذر وخباب وجابر وأبي سعيد الخدري وغيرهم كما نقله عنهم ابن عبد البر وكعمار وأبي بن كعب وحذيفة وبريدة وأبي أيوب وسهل بن حنيف وعثمان بن حنيف وأبي الهيثم ابن التيهان وخزيمة بن ثابت وأبي الطفيل عامر بن واثلة والعباس بن عبد المطلب وبنيه وبني هاشم كافة وبني المطلب كافة كما نقل ذلك كثير من العلماء ومن التابعين أيضا كثير كأويس القرني وزيد بن صوحان وأخيه صعصعة وجندب الخير وعطية بن سعيد العوفي (1) وعبيدة السلماني وبني هاشم كافة وكخالد بن سعيد بن العاص وعمر بن عبد العزيز من بني أمية (2) وغير هؤلاء خلق كثير ولهؤلاء من الأحاديث الصحيحة ما يسوغ لهم الاستدلال بها على ما قالوه من تفضيل علي كرم الله وجهه كما أن لمفضلي أبي بكر رضي الله عنه مستندات وأدلة كذلك.
وحيث ثبت أن المسألة خلافية فهلا سكت أولئك المفسقون والمبدعون عن مخالفيهم في ذلك جريا على القاعدة المرعية عندهم أنه لا يجوز الإنكار على من ارتكب مختلفا فيه كما سكتوا في المسائل الاجتهادية عمن حرم ما أحل

(1) قال الحافظ بن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب قال ابن سعد كتب الحجاج إلى محمد بن القاسم ابن يعرضه (يعني عطية بن سعيد) على سب علي فإن لم يفعل فاضربه أربعمائة سوط واحلق لحيته فاستدعاه فأبى أن يسب فأمضى حكم الحجاج فيه قال وكان يقدم عليا على الكل. انتهى (2) ذكر ابن الكلبي في التاريخ واقعة نذكرها ملخصة. قال بينا عمر بن بعد العزيز جالس في مجلسه دخل حاجبه ومعه امرأة ادماء طويلة حسنة الجسم والقامة ومعها رجلان متعلقان بها ومعهم كتاب من ميمون بن مهران إلى عمر فدفعوا إليه الكتاب ففضه فإذا فيه بسم الله الرحمن إلى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز من ميمون بن مهران سلام عليك ورحمة الله وبركاته أما بعد فإنه ورد علينا أمر ضاقت به الصدور وعجزت عنه الأوساع وهربنا بأنفسنا عنه ووكلناه إلى عالمه لقول الله عز وجل ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم وهذه المرأة والرجلان أحدهما زوجها والآخر أبوها وأن أباها يا أمير المؤمنين زعم أن زوجها حلف بطلاقها إن علي بن أبي طالب خير هذه الأمة وأولاها برسول الله صلى الله عليه وآله وأنه يزعم أن ابنته طلقت منه وأنه لا يجوز له في دينه أن يتخذه صهرا وهو يعلم أنها حرام عليه كأمه وأن الزوج يقول له كذبت وأثمت لقد بر قسمي وصدق مقالي وأنها امرأتي على رغم أنفك وغيظ قلبك فاجتمعوا إلي يختصمون في ذلك فسألت الرجل عن يمينه فقال نعم قد كان ذلك وقد حلفت بطلاقها إن عليا خير هذه الأمة وأولاها برسول الله صلى الله عليه وآله عرفه من عرفه وأنكره من أنكره فليغضب من غضب وليرض من رضى وتسامع الناس بذلك فاجتمعوا له وإن كانت الألسن مجتمعة فالقلوب شتى وقد علمت يا أمير المؤمنين اختلاف الناس في أهوائهم وتسرعهم إلى ما فيه الفتنة فأحجمنا عن الحكم لتحكم بما أراك الله وأنهما تعلقا بها وأقسم أبوها أن لا يدعها معه وأقسم زوجها أن لا يفارقها ولو ضربت عنقه إلا أن يحكم عليه بذلك حاكم لا يستطيع مخالفته والامتناع منه فرفعناهم إليك يا أمير المؤمنين أحسن الله توفيقك وأرشدك قال: فجمع عمر بني هاشم وبني أمية وأفخاذ قريش ثم سأل أبا المرأة وزوجها عما قالا فأجاباه بمثل ما مر عنهما فأكب عمر مليا ينكت الأرض بيده والقوم صامتون ينتظرون ما يقوله ثم رفع رأسه وقال:
إذا ولى الحكومة بين قوم * أصاب الحق والتمس السدادا وما خير الإمام إذا تعدى * خلاف الحق واجتنب الرشادا ثم قال للقوم ما تقولون فسكتوا فقال سبحان الله قولوا وبعد أخذ ورد وكلام طويل استدل أحد بني هاشم بحديث ذكره عن النبي صلى الله عليه وآله فقال عمر صدقت وبررت أشهد لقد سمعته ووعيته يا رجل خذ بيد امرأتك فإن عرض لك أبوها فاهشم أنفه ثم قال يا بني عبد مناف والله ما نجهل ما يعلم غيرنا وما بنا عمى في ديننا ولكنا كما قال الأول.
وأعماهم حب الغنى وأصمهم * فلم يدركوا إلا الخسارة والوزرا تصيدت الدنيا رجالا بفخها * فلم يدركوا خيرا بل استحقبوا الشرا قيل فكأنما ألقم بني أمية حجرا ومضى الرجل بامرأته وكتب عمر إلى ميمون بن مهران عليك سلام فأني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فأني قد فهمت كتابك وورد الرجلان والمرأة وقد صدق الله يمين الزوج وأبر قسمه فأثبته على نكاحه فاستيقن ذلك واعمل عليه والسلام عليك ورحمة الله وبركاته (انتهى).
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»