فلما رأوه انتحبوا وبكوا وقالوا: من أبغض عليا وأظهر بغضه قتله بسيفه ومن خرج من المدينة بغضا لعلي، فأنزل الله عليه ما ترى ﴿لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل﴾ (١) من شيعة علي، مثل سلمان وأبي ذر والمقداد وعمار وأشباههم من ضعفاء الشيعة.
فأوحى الله إلى نبيه ما قالوا، فلما انصرفوا إلى المدينة أعلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فحلفوا بالله كاذبين أنهم لم يقولوا، فأنزل الله فيهم ﴿يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم﴾ (٢) وهموا بظاهر القول لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إنا قد آمنا وسلمنا لله وللرسول فيما أمرنا من طاعة علي ﴿وهموا بما لم ينالوا﴾ (٣) من قتل محمد ليلة العقبة وإخراج ضعفاء الشيعة من المدينة بغضا لعلي وتغيضا عليه ﴿وما نقموا منهم إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله﴾ (٤) بسيف علي في حروب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وفتوحه ﴿فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير﴾ (5).
فلما تلاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... قال لهم: معاشر المهاجرين والأنصار ما بال أصحابي إذا ذكر لهم إبراهيم وآل إبراهيم تهللت وجوههم وانتشرت قلوبهم، وإذا ذكر محمد وآل محمد تغيرت وجوههم وضاقت صدورهم، ثم تلا: (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم