فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى النضر بن الحارث وتلا عليه الآية، فقال: يا رسول الله إني قد أسررت ذلك جميعه أنا ومن لم تجعل له ما جعلته لك ولأهل بيتك من الشرف والفضل في الدنيا والآخرة، فقد أظهر الله ما أسررنا به، أما أنا فأسألك أن تأذن لي أن أخرج من المدينة فإني لا أطيق المقام بها، فوعظه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ربك كريم فإن أنت صبرت وتصابرت لم يخلك من مواهبه، فارض وسلم فإن الله يمتحن خلقه بضروب من المكاره ويخفف عمن يشاء وله الخلق والأمر، مواهبه عظيمة وإحسانه واسع، فأبى الحارث وسأله الإذن، فأذن له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فأقبل إلى بيته وشد على راحلته ركبها مغضبا وهو يقول: «اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم».
فلما صار بظهر المدينة وإذا بطير في مخلبه حجر، فأرسلها الله فوقعت على هامته ثم دخلت في دماغه وخرجت من جوفه، ووقعت على ظهر راحلته وخرجت من بطنها، فاضطربت الراحلة وسقطت وسقط النضر بن الحارث من عليها ميتين، فأنزل الله تعالى: (سأل سائل بعذاب واقع * للكافرين) بعلي وفاطمة والحسن والحسين وآل محمد ﴿ليس له دافع * من الله ذي المعارج﴾ (1) (2).
فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك للمنافقين الذين اجتمعوا في بيت رجل (3) من قريش ليلا مع النضر بن الحارث فتلى عليهم الآية وقال: اخرجوا إلى صاحبكم الفهري حتى تنظروا إليه.