وقال لهم: ويلكم إن عليا لواحد، كيف كان وراء جماعة متفرقين (1)؟!
كان الكلام في أن تلك السيدة المخدرة تغذت كثيرا من أغذية الجنة، بل لولا أن الله أراد لهم أن يشتركوا نوع اشتراك في هذه الدنيا بالحالة البشرية، فيأكلوا مما يأكل الناس ويلبسوا مما يلبسون، وليبلغوا أحكام الله وهم في شيء من المماثلة بينهم وبين الخلق، لتكون أخلاقهم وأفعالهم - كنبي ووصي - في الأمور المعاشية سنة بين قومهم، ولولا ذاك لما جعل الله أطعمة هؤلاء الأنوار الطيبة وأكسيتهم من الدنيا بتاتا، ولجعل رزقهم في الدنيا من الجنة ما داموا فيها، لما عندهم عند الله من المنزلة والمقام; وذلك أن الله اختار هذه الأنوار على جميع الكائنات كما في الحديث الصحيح المسند عن أبي سلمة (2): قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) فقلت: (والمؤمنون كل آمن بالله) (3) فقال تعالى: صدقت يا محمد من خلفت في أمتك؟ قلت: خيرها. قال الله تعالى: علي بن أبي طالب؟ قلت: نعم. قال: يا محمد إني اطلعت على الأرض إطلاعة فاخترتك منها، فشققت لك اسما من أسمائي فلا أذكر في موضع إلا ذكرت معي، فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطلعت الثانية فاخترت منها عليا وشققت له اسما من أسمائي، فأنا الأعلى وهو علي، يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من ولده من سنخ نوري، وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض، فمن قبلها كان عندي من المؤمنين،